{ قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ } اختلفوا في السبب الذي حمل يوسف على هذا القول ، فقال ابن اسحاق : ذُكر لي أنّهم لمّا كلّموه بهذا الكلام غلبته نفسه وأدركته الرقّة فانفضّ دمعه باكياً ثمّ باح لهم بالذي كان يكتم فقال : { هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ } .
وقال الكلبي : إنّما قال ذلك حين حكى لإخوانه : أنّ مالك بن أذعر قال : إنّي وجدت غلاماً في بئر حاله كيت وكيت وابتعته من قوم بألف درهم فقال : أيّها الملك نحن بعنا ذلك الغلام منه ، فغاظ يوسف ذلك وأمر بقتلهم فذهبوا بهم ليقتلوهم ، فولّى يهوذا وهو يقول : كان يعقوب يحزن لفقد واحد منّا حتى كفّ بصره فكيف به إذاً لو قتل بنوه كّلهم ، ثمّ قالوا : إن فعلت ذلك فابعث بأمتعتنا إلى أبينا وإنّه في مكان كذا وكذا ، فذاك حين رحمهم وبكى وقال لهم ذلك القول .
وقال بعضهم : إنّما قال ذلك حين قرأ كتاب أبيه إليه وذلك أنّ يعقوب لما قيل له : إنّ ابنك سرق ، كتب إليه : من يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله ، بن ابراهيم خليل الله أمّا بعد فإنّا أهلُ بيت مُوكَّل بنا البلاء ، فأمّا جدّي فشدّت يداه ورجلاه وأُلقي في النار فجعلها الله عليه برداً وسلاماً ، وأمّا أبي فشدّت يداه ورجلاه ووضع السكّين على قفاه ، ليُقتل ، ففداه الله ، وأمّا أنا فكان لي ابن وكان أحبّ أولادي إليّ فذهب به إخوته إلى البريّة ثمّ أتوني بقميصه مُلطّخاً بالدم وقالوا : قد أكله الذئب وذهب [ . . . . . . . . . . ] ثمّ كان لي ابن وكان أخاه من أُمّة وكنت أتسّلى به ، فذهبوا به ثمّ رجعوا وقالوا : إنّه سرق ، وإنّك حبسته بذلك وإنّا أهل بيت لا نسرق ولا نلد سارقاً ، فإنْ ردَدته إليّ وإلاّ دعوت عليك دعوة تنزل السابع من ولدك ، فلمّا قرأ يوسف الكتاب لم يتمالك البكاء وعيل صبره فقال لهم ذلك .
وقال بعضهم : إنّما قال ذلك حين سأل أخاه بنيامين : هل لك ولد ؟ قال : نعم ، ثلاثة بنين ، قال : فما سمّيتهم ؟ قال : سمّيتُ الأكبر يوسف قال : ولِمِ ؟ قال : محبّة لك ، لأذكرك به ، قال : فما سمّيت الثاني ؟ قال : ذئباً ، قال : ولم سمّيته بالذئب وهو سبع عاقر ؟ قال : لأذكرك به ، قال : فما سمّيت الثالث ؟ قال : دماء ، قال : ولمَ ؟ قال لأذكرك به ، فلمّا سمع يوسف المقالة خنقته العبرة ، ولم يتمالك ، فقال لإخوته : لمّا دخلوا عليه : هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ فرّقتم بينهما وصنعتم ما صنعتم إذ أنتم جاهلون ، بما يؤول إليه أمر يوسف .
وقيل : يكون المذنب جاهل وقت ذنبه .
قال ابن عباس : إذا أنتم صبيّان ، الحسن : شبان وهذا غيرُ بعيد من الصواب لأنّ مظنّة الجهل الشباب .
فإنّ سئل عن معنى قول يوسف { مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ } وقيل ما كان عنهم إلى أخيه وهم لم يسعوا في حبسه ، فالجواب أنّهم لمّا أطلقوا ألسنتهم على أخيهم بسبب الصاع [ حبس ] وقالوا : ما رأينا منكم يا بني راحيل كما ذكرناه ، فعاتبهم يوسف على ذلك .
وقيل : إنّهما لمّا كانا من أُمّ واحدة وكانوا يؤذونه بعد فَقْد يوسف فعاتبهم على ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.