الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلۡبَشِيرُ أَلۡقَىٰهُ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ فَٱرۡتَدَّ بَصِيرٗاۖ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (96)

{ فَلَمَّآ أَن جَآءَ الْبَشِيرُ } المُبشّر برسالة يوسف ، قال ابن عباس : البريد يهوذا بن يعقوب ، ابن مسعود : جاء البشير من بين يدي العِير قال السدّي : قال يهوذا : أنا ذهبتُ بالقميص مُلطّخاً بالدم إلى يعقوب وأخبرته أنّ يوسف أكله الذئب ، وأنا أذهب اليوم بالقميص وأخبره أنّه حيّ وأفرحه كما أحزنته ، قال ابن عباس : حمله يهوذا دونهم ، وخرج حاسراً حافياً وجعل يعدو حتى أتى أباه ، وكان معه سبعة أرغفة لم يستوف أكلها ، وكانت المسافة ثمانين فرسخاً ، وروى الضحّاك عن ابن عباس ، قال : البشير مالك بن ذعر من أهل مدين .

{ أَلْقَاهُ } يعني ألقى البشير قميص يوسف على وجه يعقوب ، { فَارْتَدَّ بَصِيراً } : فعاد بصيراً بعد ما كان عمي .

عبدالله بن أحمد بن حنبل عن أبي عبدالله السلمي : قال سمعتُ يحيى بن مسلم عمّن ذكره قال : كان يعقوب أكرم أهل الأرض على ملك الموت ، وإنّ ملك الموت استأذن ربّه في أن يأتي يعقوب فأذن له فجاءه فقال يعقوب : يا ملك الموت أسألك بالذي خلقك ، هل أخذت نفس يوسف فيمن قبضت من النفوس ؟ قال : لا ، قال مَلك الموت : يا يعقوب ألا أُعَلِّمك دُعاءً ؟ قال : بلى ، قال : قُل : يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبداً ولا يُحصيه غيرك ، قال : فدعا به يعقوب في تلك الليلة فلم يطلع الفجر حتى طرح القميص على وجهه فارتدّ بصيراً ، قال الضحّاك : رجع إليه بصره بعد العمى والقوّة بعد الضعف والشباب بعد الهرم والسرور بعد الحزن .

{ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } من حياة يوسف وأنّ الله يجمع بيننا