جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمِنۡ حَيۡثُ خَرَجۡتَ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۖ وَإِنَّهُۥ لَلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ} (149)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنّهُ لَلْحَقّ مِن رّبّكَ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ }

يعني جل ثناؤه بقوله : وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ ومن أيّ موضع خرجت إلى أيّ موضع وجهت فولّ يا محمد وجهك ، يقول : حوّل وجهك . وقد دللنا على أن التولية في هذا الموضع شطر المسجد الحرام ، إنما هي الإقبال بالوجه نحوه وقد بينا معنى الشطر فيما مضى .

وأما قوله : وَإنّهُ لَلْحَقّ مِنْ رَبّكَ فإنه يعني تعالى ذكره : وإن التوجه شطره للحقّ الذي لا شك فيه من عند ربك ، فحافظوا عليه ، وأطيعوا الله في توجهكم قبله .

وأما قوله : وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ فإنه يقول : فإن الله تعالى ذكره ليس بساه عن أعمالكم ولا بغافل عنها ، ولكنه محصيها لكم حتى يجازيكم بها يوم القيامة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمِنۡ حَيۡثُ خَرَجۡتَ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۖ وَإِنَّهُۥ لَلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ} (149)

عُطف قولُه : { ومن حيث خرجت } على قوله : { فول وجهك شطر المسجد الحرام } [ البقرة : 144 ] عَطْف حكم على حكم من جنسِه للإعلام بأن استقبال الكعبة في الصلاة المفروضة لا تَهاوُن في القيام به ولو في حالة العذر كالسفر ، فالمراد من { حَيث خرجتَ } من كل مكان خرجتَ مسافراً لأن السفر مظنة المشقة في الاهتداء لجهة الكعبة فربما يتوهم متوهم سقوط الاستقبال عنه ، وفي معظم هاته الآية مع قوله : { وإنه للحق من ربك } زيادةُ اهتمام بأمر القبلة يؤكد قوله في الآية السابقة : { الحق من ربك } [ البقرة : 147 ] .

وقوله : { وما الله بغافل عما تعملون } زيادة تحذير من التساهل في أمر القبلة .