المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَمِنۡ حَيۡثُ خَرَجۡتَ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۖ وَإِنَّهُۥ لَلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ} (149)

وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ( 149 )

وقوله تعالى : { ومن حيث خرجت } ، معناه حيث كنت وأنّى توجهت من مشارق الأرض ومغاربها ، ثم تكررت هذه الآية تأكيداً من الله تعالى ، لأن موقع التحويل كان صعباً في نفوسهم جداً فأكد الأمر ليرى الناس التهمم به فيخف عليهم وتسكن نفوسهم إليه( {[1407]} ) .


[1407]:- تكررت الآية مع ما قبلها لتقرير نسخ استقبال بيت المقدس وتثبيت هذا الحكم في النفوس، لأن موقع التحويل كان صعبا عليهم إذ كان أول نسخ في الإسلام – وقد ذكر القرطبي أن قوله تعالى: [فولّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولّوا وجوهكم شطره] لمن هو مقيم بمكة، وقوله تعالى: [ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام] لمن هو في بقية الأمصار، وقوله تعالى: [ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره] لمن خرج في الأسفار، وبهذا تكون كل آية لها محمل خاص، وذلك أحسن من التكرار. وقيل: إن الأولى بيان لرغبته وضراعته صلى الله عليه وسلم، والثانية بيان أن الرغبة هي الحق، والثالثة بيان أن ذلك كان لئلا يكون للناس حجة – إلا أنه وراء هذا التكرار الذي يوجد معه في كل مرة معنى جديد ما يوحي أنه كانت هناك جملة تستدعي هذا التكرار وهذا البيان لإزالة أثرها من النفوس، فهو فلاح وشفاء من كل ضلال وباطل.