فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمِنۡ حَيۡثُ خَرَجۡتَ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۖ وَإِنَّهُۥ لَلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ} (149)

وقوله : { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ } كرّر سبحانه هذا لتأكيد الأمر باستقبال الكعبة ، وللاهتمام به ، لأن موقع التحويل كان معتنى به في نفوسهم ، وقيل وجه التكرير أن النسخ من مظانّ الفتنة ، ومواطن الشبهة ، فإذا سمعوه مرّة بعد أخرى ثبتوا ، واندفع ما يختلج في صدورهم ، وقيل إنه كرّر هذا الحكم لتعدد علله ، فإنه سبحانه ذكر للتحويل ثلاث علل : الأول ابتغاء مرضاته ، والثانية جرى العادة الإلهية أن يولى كل أهل ملة ، وصاحب دعوة جهة يستقلّ بها ، والثالثة دفع حجج المخالفين ، فقرن بكل علة معلولها ، وقيل أراد بالأول : ولّ وجهك شطر الكعبة إذا صليت تلقاءها ، ثم قال : وحيثما كنتم معاشر المسلمين في سائر المساجد بالمدينة ، وغيرها ، فولوا وجوهكم شطره .

/خ152