فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَمِنۡ حَيۡثُ خَرَجۡتَ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۖ وَإِنَّهُۥ لَلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ} (149)

{ ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون } في الآية الكريمة السابقة{[526]} أمر الله تعالى نبيه أن يتجه نحو البيت العتيق الكعبة { فول وجهك شطر المسجد الحرام } وفي هذه ذكر لأمر زائد وهو حالة الخروج وترك المدينة وعليه فلا تكرار { وإنه للحق من ربك } وإن استقبال الكعبة لهو الحق الثابت المنزل من المولى الحميد { وما الله بغافل عما تعملون } في هذا وعد للمؤمنين ووعيد للجاحدين المفترين فهو لن يضيع أجر المطيعين المحسنين ولن يفوته عقاب المعاندين المبطلين { ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة } الأمر باستقبال الكعبة ذكر أولا {[527]} مقترنا بمراد الله تعالى في أن يرضي نبيه ومصطفاه { قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره } ثم أعيد ثانيا مع التذكير أن لكل صاحب دعوة وجهة يختارها الله تعالى له ويلزمه إياها { ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله كل شيء قدير ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام }{[528]} وذكر ثالثا مقرونا بدفع حجج المخالفين .


[526]:رقم 144.
[527]:في الآية 144.
[528]:الآية 148. ومن الآية 149.