جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَوۡمَ لَا يَنفَعُ ٱلظَّـٰلِمِينَ مَعۡذِرَتُهُمۡۖ وَلَهُمُ ٱللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ سُوٓءُ ٱلدَّارِ} (52)

وقوله : لا يَنْفَعُ الظّالِمِينَ مَعْذِرتُهُمْ يقول تعالى ذكره : ذلك يوم لا ينفع أهل الشرك اعتذارهم لأنهم لا يعتذرون إن اعتذروا إلا بباطل ، وذلك أن الله قد أعذر إليهم في الدنيا ، وتابع عليهم الحجج فيها فلا حجة لهم في الاَخرة إلا الاعتصام بالكذب بأن يقولوا : واللّهِ رَبّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ .

وقوله : وَلَهُمُ اللّعْنَةُ يقول : وللظالمين اللعنة ، وهي البُعد من رحمة الله وَلَهُمْ سُوءُ الدّارِ يقول : ولهم مع اللعنة من الله شرّ ما في الدار الاَخرة ، وهو العذاب الأليم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَوۡمَ لَا يَنفَعُ ٱلظَّـٰلِمِينَ مَعۡذِرَتُهُمۡۖ وَلَهُمُ ٱللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ سُوٓءُ ٱلدَّارِ} (52)

و{ يومَ لاَ يَنفَعُ الظالمين مَعْذِرَتُهُم } بدل من { يوم يقوم الأشهاد } وهو منصوب على البدلية من الظرف . والمراد بالظالمين : المشركون . والمعذرة اسم مَصْدر اعتَذر ، وتقدم عند قوله تعالى : { قالوا معذرة إلى ربكم } في سورة [ الأعراف : 164 ] .

وظاهرُ إضافة المعذرة إلى ضميرهم أنهم تصدر منهم يومئذٍ معذرة يعتذرون بها عن الأسباب التي أوجبت لهم العذاب مثل قولهم : { ربنا هؤلاء أضلونا } [ الأعراف : 38 ] وهذا لا ينافي قوله تعالى : { ولا يؤذن لهم فيعتذرون } [ المرسلات : 36 ] الذي هو في انتفاء الاعتذار من أصله لأن ذلك الاعتذار هو الاعتذار المأذون فيه ، وقد تقدم ذلك عند قوله تعالى : { فيومئذٍ لا تنفع الذين ظلموا معذرتهم } في سورة [ الروم : 57 ] .

وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي وخلف { لا ينفع } بالياء التحتية لأن الفاعل وهو « معذرة » غير حقيقي التأنيث وللفصل بين الفعل وفاعله بالمفعول . وقرأ الباقون بالتاء الفوقية على اعتبار التأنيث اللفظي .

و { لَهُمُ اللَّعْنَةُ } عطف على جملة { لا يَنفَعُ الظالمين معذِرَتُهُم } أي ويوم لهم اللعنة . واللعنة : البعد والطرد ، أي من رحمة الله ، { ولَهُمْ سُوءُ الدَّارِ } هي جهنم . وتقديم ( لهم ) في هاتين الجملتين للاهتمام بالانتقام منهم .