نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{يَوۡمَ لَا يَنفَعُ ٱلظَّـٰلِمِينَ مَعۡذِرَتُهُمۡۖ وَلَهُمُ ٱللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ سُوٓءُ ٱلدَّارِ} (52)

ولما وصف اليوم الآخر بما لا يفهمه كثير من الناس ، أتبعه ما أوضحه على وجه بين نصره لهم غاية البيان ، فقال مبدلاً مما قبله : { يوم لا ينفع الظالمين } الذين كانوا عريقين في وضع الأشياء في غير مواضعها { معذرتهم } أي اعتذارهم وزمانه ومكانه - بما أشار إليه كون المصدر ميمياً ولو جل - بما أشار إليه قراءة التذكير للفعل ، فعلم بذلك أنهم لا يجدون دفاعاً بغير الاعتذار ، وأنه غير نافعهم لأنهم لا يعتذرون إلا بالكذب{ والله ربنا ما كنا مشركين }[ الأنعام : 23 ] أو بالقدر{ ربنا غلبت علينا شقوتنا }[ المؤمون : 106 ] { ولهم } أي خاصة { اللعنة } أي البعد عن كل خير ، مع الإهانة بكل ضير { ولهم } أي خاصة { سوء الدار * } وهي النار الحاوية لكل سوء - هذا مع ما يتقدمها من المواقف الصعبة ، وإذا كان هذا لهم فما ظنك بما هو عليهم ، وقد علم من هذا أن لأعدائهم - وهم الرسل وأتباعهم - الكرامة والرحمة ولهم قبول الاعتذار وحسن الدار ، فظهرت بذلك أعلام النصرة ، وصح ما أخبر به من تمام القدرة .