مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{يَوۡمَ لَا يَنفَعُ ٱلظَّـٰلِمِينَ مَعۡذِرَتُهُمۡۖ وَلَهُمُ ٱللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ سُوٓءُ ٱلدَّارِ} (52)

ثم قال تعالى : { يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار } قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر لا تنفع بالتاء لتأنيث المعذرة والباقون بالياء كأنه أريد الاعتذار .

واعلم أن المقصود أيضا من هذا شرح تعظيم ثواب أهل الثواب ، وذلك لأنه تعالى بين أنه ينصرهم في يوم يجتمع فيه الأولون والآخرون ، فحالهم في علو الدرجات في ذلك اليوم ما ذكرناه وأما حال أعدائهم فهو أنه حصلت لهم أمور ثلاثة : ( أحدها ) أنه لا ينفعهم شيء من المعاذير البتة ( وثانيها ) أن { لهم اللعنة } وهذا يفيد الحصر يعني اللعنة مقصورة عليهم وهي الإهانة والإذلال ( وثالثها ) سوء الدار وهو العقاب الشديد فهذا اليوم إذا كان الأعداء واقعين في هذه المراتب الثلاثة من الوحشة والبلية ، ثم إنه خص الأنبياء والأولياء بأنواع التشريفات الواقعة في الجمع الأعظم فهنا يظهر أن سرور المؤمن كم يكون ، وأن غموم الكافرين إلى أين تبلغ . فإن قيل قوله { يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم } يدل على أنهم يذكرون الأعذار إلا أن تلك الأعذار لا تنفعهم فكيف الجمع بين هذا وبين قوله { ولا يؤذن لهم فيعتذرون } قلنا قوله { لا تنفع الظالمين معذرتهم } لا يدل على أنهم ذكروا الأعذار ، بل ليس فيه إلا أنه ليس عندهم عذر مقبول نافع ، وهذا القدر لا يدل على أنهم ذكروه أم لا . وأيضا فيقال يوم القيامة يوم طويل فيعتذرون في وقت ولا يعتذرون في وقت آخر .