جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَطَلۡحٖ مَّنضُودٖ} (29)

وقوله : وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ أما الفرّاء فعلى قراءة ذلك بالحاء وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ وكذا هو في مصاحف أهل الأمصار . ورُوي عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان يقرأ «وَطَلْعٍ مَنْضُودٍ » بالعين .

حدثنا عبد الله بن محمد الزهريّ ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا زكريا ، عن الحسن بن سعد ، عن أبيه رضي الله عنه ، قرأها «طَلْعٍ مَنْضُودٍ » .

حدثنا سعيد بن يحيى الأموي ، قال : ثني أبي ، قال : حدثنا مجاهد ، عن الحسن بن سعد ، عن قيس بن سعد ، قال : قرأ رجل عند عليّ وَطَلْحَ مَنْضُودٍ فقال عليّ : ما شأن الطلح ، إنما هو : وَطَلْعٍ مَنْضُودٍ ، ثم قرأ طَلْعُها هَضِيمٌ فقلنا أو لا نحوّلهُا ، فقال : إن القرآن لا يهاج اليوم ولا يحوّل . وأما الطلح فإن المعمر بن المثنى كان يقول : هو عند العرب شجر عظام كثير الشوك ، وأنشد لبعض الحُداة :

بَشّرَها دَلِيلُها وَقالا *** غَدا تَرَيْنَ الطّلْحَ والْحِبالا

وأما أهل التأويل من الصحابة والتابعين فإنهم يقولون : إنه هو الموز .

حدثنا حميد بن مسعدة ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا سليمان التيميّ ، عن أبي سعيد ، مولى بني رَقاشِ ، قال : سألت ابن عباس عن الطلح ، فقال : هو الموز .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا سليمان التيميّ ، قال : حدثنا أبو سعيد الرقاشيّ ، أنه سمع ابن عباس يقول : الطلح المنضود : هو الموز .

حدثني يعقوب وأبو كُرَيب ، قالا : حدثنا ابن عُلَية ، عن سليمان ، قال : حدثنا أبو سعيد الرّقاشيّ ، قال قلت لابن عباس : ما الطلح المنضود ؟ قال : هو الموز .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، قال : حدثنا أبو سعيد الرقاشيّ ، قال : سألت ابن عباس عن الطلح ، فقال : هو الموز .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن التيمي ، عن أبي سعيد الرقاشيّ ، عن ابن عباس وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ قال : الموز .

قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن الكلبيّ ، عن الحسن بن سعيد ، عن عليّ رضي الله عنه وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ قال : الموز .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا أبو بشر ، عن رجل من أهل البصرة أنه سمع ابن عباس يقول في الطلح المنضود : هو الموز .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ قال : موزكم لأنهم كانوا يُعجبون بوجَ وظلاله من طلحه وسدره .

حدثنا محمد بن سنان ، قال : حدثنا أبو حُذيفة ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء ، في قوله : وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ قال : الموز .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا هوذة بن خليفة ، عن عوف ، عن قسامة ، قال : الطلح المنضود : هو الموز .

قال : ثنا سليمان ، قال : حدثنا أبو هلال ، عن قتادة ، في قول الله : وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ قال : الموز .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ قال : الموز .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ كنا نحدّث أنه الموز .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ قال الله أعلم ، إلا أن أهل اليمن يسمون الموز الطلح .

وقوله : مَنْضُودٍ يعني أنه قد نُضِدَ بعضُه على بعض ، وجمع بعضه إلى بعض . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَطَلْحَ مَنْضُودٍ قال : بعضه على بعض .

حدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ متراكم ، لأنهم يعجبون بوجّ وظلاله من طلحة وسدره .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَطَلۡحٖ مَّنضُودٖ} (29)

والطلح : شجر من شجر العضاه واحدهُ طلحة ، وهو من شجر الحجاز ينبت في بطون الأودية ، شديد الطُّول ، غليظ الساق . من أصلب شجر العِضاه عُوداً ، وأغصانه طوال عظام شديدة الارتفاع في الجو ولها شوك كثير قليلةُ الورق شديدة الخُضرة كثيرة الظل من التفاف أغصانها ، وصمغها جيّد وشوكها أقل الشوك أذًى ، ولها نَور طيب الرائحة ، وتسمى هذه الشجرة أمّ غَيلان ، وتسمى في صفاقس غيلان وفي أحواز تونس تسمى مِسْكَ صَنادِق .

والمنضود : المتراصّ المتراكب بالأغصان ليست له سوق بارزة ، أو المنضد بالحمل ، أي النُوَّار فتكثر رائحته .

وعلى ظاهر هذا اللفظ يكون القول في البشارة لأصحاب اليمين بالطلح على نحو ما قرر في قوله : { في سدر مخضود } ويعتاض عن نعمة نكهة ثمر السدر بنعمة عَرْف نَوْر الطلح .

وفُسر الطلح بشجر الموز روي ذلك عن ابن عباس وابن كثير ، ونسب إلى علي بن أبي طالب .

والامتنان به على هذا التفسير امتنان بثمره لأنه ثمر طيب لذيد ولشجره من حسن المنظر ، ولم يكن شائعاً في بلاد العرب لاحتياجه إلى كثرة الماء .