القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً * فَقُلْنَا اذْهَبَآ إِلَى الْقَوْمِ الّذِينَ كَذّبُواْ بِآيَاتِنَا فَدَمّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً } .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم يتوعد مشركي قومه على كفرهم بالله ، وتكذيبهم رسوله ويخوّفهم من حلول نقمته بهم ، نظير الذي يحلّ بمن كان قبلهم من الأمم المكذّبة رسلها : وَلَقَدْ آتَيْنا يا محمد مُوسَى الكِتابَ يعني التوراة ، كالذي آتيناك من الفرقان وَجَعَلْنا مَعَهُ أخَاهُ هارُونَ وَزِيرا يعني : معينا وظهيرا فقُلْنا اذْهَبا إلى القَوْمِ الّذِينَ كَذّبُوا بآياتِنا يقول : فقلنا لهما : اذهبا إلى فرعون وقومه الذي كذّبوا بإعلامنا وأدلتنا ، فدمرناهم تدميرا . وفي الكلام متروك استغني بدلالة ما ذكر من ذكره وهو : فذهبا فكذبوهما ، فدمرناهم حينئذٍ .
و { القوم الذين كذبوا } هم فرعون وملؤه من القبط ، ثم حذف من الكلام كثير دل عليه ما بقي ، وتقدير المحذوف فأديا الرسالة فكذبوهما فدمرناهم . وقرأ علي بن أبي طالب ومسلمة بن محارب «فدمرانهم » أي كونا سبب ذلك ، قال أبو الفتح ألحق نون التوكيد ألف التثنية كما تقول اضربان زيداً .
قال الفقيه الإمام القاضي : وروي عن علي رضي الله عنه «فدمراهم » ، وحكى عنهم أبو عمرو الداني «فدمِرناهم » بكسر الميم خفيفة ، قال وروي عنه «فدمروا بهم » على الأمر لجماعة وزيادة باء ، والذي فسر أبو الفتح وهم وإنما القراءة «فدمرا بهم » بالباء ، وكذلك المهدوي .
الموصول في قوله : { الذين كذبوا بآياتنا } للإيماء إلى علة الخبر عنهم بالتدمير .
وقد حصل بهذا النظم إيجاز عجيب اختصرت به القصة فذكر منها حاشيتاها : أولُها وآخرها لأنهما المقصود بالقصة وهو استحقاق الأمم التدمير بتكذيبهم رسلهم .
والتدمير : الإهلاك ، والهَلاك : دُمور .
وإتباع الفعل بالمفعول المطلق لما في تنكير المصدر من تعظيم التدمير وهو الإغراق في اليَمّ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.