فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَقُلۡنَا ٱذۡهَبَآ إِلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا فَدَمَّرۡنَٰهُمۡ تَدۡمِيرٗا} (36)

{ فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا } وهم فرعون وقومه ، يعني القبط { بِآيَاتِنَا } هي التسع المذكورة التي تقدم ذكرها ، وإن لم يكونوا قد كذبوا بها عند أمر الله لموسى وهرون ، بالذهاب فيحمل الماضي على معنى الاستقبال أي سيكذبون بها . وقيل إنما وصفوا بالتكذيب عند الحكاية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بيانا لعلة استحقاقهم للعذاب ، وقيل يجوز أن يراد إلى القوم الذين آل حالهم إلى أن كذبوا ، وقيل إن المراد بوصفهم بالتكذيب عند الإرسال أنهم كانوا مكذبين للآيات الإلهية ، وليس المراد آيات الرسالة . قال القشيري : وقوله تعالى في موضع آخر { اذهب إلى فرعون إنه طغى } . لا ينافي هذا لأنهما إذا كانا مأمورين ، فكل واحد مأمور ، ويمكن أن يقال : إن تخصيص موسى بالخطاب في بعض المواطن لكونه الأصل في الرسالة ، والجمع بينهما في الخطاب لكونهما مرسلين جميعا .

{ فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا } في الكلام حذف ، أي فذهبا إليهم فكذبوهما فأهلكناهم إثر ذلك التكذيب إهلاكا عظيما ، فاقتصر على حاشيتي القصة اكتفاء بما هو المقصود منها ، وهو إلزام الحجة ببعثة الرسل . واستحقاق التدمير بتكذيبهم ، وقيل إن المراد هنا الحكم به ، لأنه لم يحصل عقب بعث موسى وهرون إليهم ، بل بعده بمدة .