{ فَقُلْنَا اذهبا إِلَى القوم الذين كَذَّبُواْ بئاياتنا } هم فرعون وقومه والظاهر تعلق بآياتنا ب { كذبوا } . والمراد بها دلائل التوحيد المودعة في الأنفس والآفاق أو الآيات التي جاءت بها الرسل الماضية عليهم السلام أو التسع المعلومة . والتعبير عن التكذيب بصيغة الماضي على الاحتمالين الأولين ظاهر على الأخير قيل . لتنزيل المستقبل لتحققه منزلة الماضي . وتعقب بأنه لا يناسب المقام . وقال العلامة أبو السعود : لم يوصف القوم لهما عند إرسالهما إليهم بهذا الوصف ضرورة تأخر تكذيب الآيات التسع عن إظهارها المتأخر عن ذهابهما المتأخر عن الأمر به بل إنما وصفوا بذلك عند الحكاية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بياناً لعلة استحقاقهم لما يحكى بعده من التدمير وبحث فيه بما فيه تأمل ، وجوز أن يكون الظرف متعلقاً باذهبنا فمعنى { لَّمَّا كَذَّبُواْ } فعلوا التكذيب { فدمرناهم تَدْمِيراً } عجيباً هائلاً لا يقادر قدره ولا يدرك كنهه والمراد به أشد الهلاك . وأصله كسر الشيء على وجه لا يمكن إصلاحه والفاء فصيحة والأصل فقلنا اذهبا إلى القوم فذهبا إليهم ودعواهم إلى الايمان فكذبوهما واستمروا على ذلك فدمرناهم فاقتصر على حاشيتي القصة اكتفاء بما هو المقصود . وقيل : معنى فدمرناهم فحكمنا بتدميرهم فالتعقيب باعتبار الحكم وليس في الاخبار بذلك كثير فائدة . وقيل : الفاء لمجرد الترتيب وهو كما ترى .
وعطف { قُلْنَا } على { جَعَلْنَا } المعطوف على { آتَيْنَا } [ الفرقان : 35 ] بالواو التي لا تقتضي ترتيباً على الصحيح فيجوز تقدمه مع ما يعقبه على إيتا الكتاب فلا يرد أن إيتاء الكتاب وهو التوراة بعد هلاك فرعون وقومه فلا يصح الترتيب والتعرض لذلك في مطلع القصة مع أنه لا مدخل له في إهلاك القوم لما أنه بعد للإيذان من أول الأمر ببلوغه عليه السلام غاية الكمال التي هي إنجاء بني إسرائيل من ملكة فرعون وإرشادهم إلى طريق الحق بما في التوراة من الأحكام إذ به يحصل تأكيد الوعد بالهداية على الوجه الذي ذكر سابقاً .
وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه . والحسن . ومسلمة بن محارب فدمراهم على الأمر لموسى . وهرون عليهما السلام . ، وعن علي كرم الله تعالى وجهه أيضاً كذلك إلا أنه مؤكد بالنون الشديدة ، وعنه كرم الله تعالى وجهه { فدمرا } أمرا لهما بهم بباء الجر وكأن ذلك من قبيل .
تجرح في عراقيبها نصلي *** وحكى في «الكشاف » عنه أيضاً كرم الله تعالى وجهه { فدمرتهم } بتاء الضمير { وَقَوْمَ نُوحٍ } منصوب بمضمر يدل عليه قوله تعالى : { فدمرناهم } أي ودمرنا قوم نوح ، وجوز الحوفي . وأبو حيان كونه معطوفاً على مفعول فدمرناهم . ورد بأن تدمير قوم نوح ليس مترتباً على تكذيب فرعون وقومه فلا يصح عطفه عليه .
وأجيب بأن ليس من ضرورة ترتب تدميرهم على ما قبله ترتب تدمير هؤلاء عليه لا سيما وقد بين سببه بقوله تعالى :
وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آَيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا ( 37 )
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.