اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَقُلۡنَا ٱذۡهَبَآ إِلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا فَدَمَّرۡنَٰهُمۡ تَدۡمِيرٗا} (36)

قوله : { فَقُلْنَا اذهبا إِلَى القوم الذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } يعني القبط .

قوله : «فَدمَّرْنَاهُمْ » . العامة على «فَدَمَّرْنَا » فعلاً ماضياً معطوفاً على محذوف ، أي : فذهب فكذبوهما{[36122]} «فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْميراً » أهلكناهم إهلاكاً . وقرأ عليّ - كرم الله وجهه - «فدمِّراهم » أمر{[36123]} لموسى وهارون{[36124]} ، وعنه أيضاً : «فَدَمِّرَانِّهِمْ » كذلك أيضاً ، ولكنه مؤكد بالنون الشديدة{[36125]} ، وعنه أيضاً : «فدمِّرا بِهِم » بزيادة باء الجر بعد فعل الأمر{[36126]} ، وهي تشبه القراءة قبلها في الخط ، ونقل عنه الزمخشري «فَدَمَّرْتُهم » بتاء المتكلم{[36127]} . فإن قيل : الفاء للتعقيب ، والإهلاك لم يحصل عقيب بعث موسى وهارون إليهم بل بعد{[36128]} مدة مديدة .

فالجواب : فاء التعقيب محمولة هنا على الحكم بالإهلاك لا على الوقوع . وقيل : إنه تعالى أراد اختصار القصة{[36129]} فذكر المقصود منها أولها وآخرها ، والمراد إلزام الحجة ببعثة الرسل ، واستحقاق التدمير بتكذيبهم{[36130]} . واعلم أن قوله : «كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا » إن حملنا تكذيب الآيات على تكذيب الآيات الإلهية فلا إشكال ، وإن حملناه على تكذيب آيات النبوة ، فاللفظ وإن كان للماضي{[36131]} فالمراد به المستقبل{[36132]} .


[36122]:انظر الكشاف 3/79، التبيان 2/986، البحر المحيط 6/498.
[36123]:في ب: أمر.
[36124]:انظر الكشاف 3/97، تفسير ابن عطية 11/39، البحر المحيط 6/498.
[36125]:قال ابن جني: (الذي رويناه عن أبي حاتم أنه حكاها قراءة غير معزوة إلى أحد "فدمرناهم تدميرا" وقال: كأنه أمر موسى وهارون عليهما السلام أن يدمراهم. قال أبو الفتح: ألحق نون التوكيد ألف التثنية كما تقول: اضربان زيدا، ولا تقتلان جعفرا) المحتسب 2/122 – 123، وانظر المختصر (105) تفسير ابن عطية 11/39، البحر المحيط 6/498.
[36126]:المحتسب 2/122، البحر المحيط 6/498.
[36127]:قال الزمخشري: (وعن علي – رضي الله عنه – فدمرتهم) الكشاف 3/37.
[36128]:في ب: بعده.
[36129]:في ب: اختصاره الفقه. وهو تحريف.
[36130]:انظر الفخر الرازي 24/81.
[36131]:في ب: الماضي.
[36132]:انظر الفخر الرازي 24/81.