فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَقُلۡنَا ٱذۡهَبَآ إِلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا فَدَمَّرۡنَٰهُمۡ تَدۡمِيرٗا} (36)

ولاشتراكهما في النبوّة قيل لهما : { اذهبا إِلَى القوم الذين كَذَّبُواْ بآياتنا } ، وهم فرعون وقومه ، والآيات هي التسع التي تقدم ذكرها ، وإن لم يكونوا قد كذبوا بها عند أمر الله لموسى وهارون بالذهاب بل كان التكذيب بعد ذلك ، لكن هذا الماضي بمعنى المستقبل على عادة إخبار الله : أي اذهبا إلى القوم الذين يكذبون بآياتنا . وقيل إنما وصفوا بالتكذيب عند الحكاية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بياناً لعلة استحقاقهم للعذاب . وقيل : يجوز أن يراد إلى القوم الذين آل حالهم إلى أن كذبوا . وقيل إن المراد بوصفهم بالتكذيب عند الإرسال ، أنهم كانوا مكذبين للآيات الإلهية ، وليس المراد آيات الرسالة . قال القشيري : وقوله تعالى في موضع آخر : { اذهب إلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طغى } [ طه : 24 ] لا ينافي هذا لأنهما إذا كانا مأمورين ، فكل واحد مأمور . ويمكن أن يقال : إن تخصيص موسى بالخطاب في بعض المواطن لكونه الأصل في الرسالة ، والجمع بينهما في الخطاب لكونهما مرسلين جميعاً { فدمرناهم تَدْمِيراً } في الكلام حذف : أي فذهبا إليهم ، فكذبوهما فدمرناهم : أي أهلكناهم إثر ذلك التكذيب إهلاكاً عظيماً . وقيل : إن المراد بالتدمير هنا : الحكم به ، لأنه لم يحصل عقب بعث موسى وهارون إليهم ، بل بعده بمدّة .

/خ44