الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{فَقُلۡنَا ٱذۡهَبَآ إِلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا فَدَمَّرۡنَٰهُمۡ تَدۡمِيرٗا} (36)

" فقلنا اذهبا " الخطاب لهما . وقيل : إنما أمر موسى صلى الله عليه وسلم بالذهاب وحده في المعنى . وهذا بمنزلة قوله : " نسيا حوتهما " [ الكهف : 61 ] . وقوله : " يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان " [ الرحمن : 22 ] وإنما يخرج من أحدهما . قال النحاس : وهذا مما لا ينبغي أن يجترأ به على كتاب الله تعالى ، وقد قال جل وعز : " فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى . قالا ربنا إننا أن يفرط علينا أو أن يطغى . قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى . فأتياه فقولا إنا رسولا ربك " [ طه : 44 - 47 ] . ونظير هذا : " ومن دونهما جنتان " [ الرحمن : 62 ] . وقد قال جل ثناؤه : " ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا " [ المؤمنون : 45 ] قال القشيري : وقوله في موضع آخر : " اذهب إلى فرعون إنه طغى " [ طه : 24 ] لا ينافي هذا ؛ لأنهما إذا كان مأمورين فكل واحد مأمور . ويجوز أن يقال : أمر موسى أولا ، ثم لما قال : " واجعل لي وزيرا من أهلي " [ طه : 29 ] قال : " اذهبا إلى فرعون " [ طه : 43 ] . " إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا " يريد فرعون وهامان والقبط . " فدمرناهم تدميرا " في الكلام إضمار ، أي فكذبوهما " فدمرناهم تدميرا " أي أهلكناهم إهلاكا .