وقوله : وَإنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا يقول تعالى ذكره . وإن ير المشركون علامة تدلهم على حقيقة نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم ، ودلالة تدلهم على صدقة فيما جاءهم به عن ربهم ، يعرضوا عنها ، فيولوا مكذّبين بها مُنكرين أن يكون حقا يقينا ، ويقولوا تكذيبا منهم بها ، وإنكارا لها أن تكون حقا : هذا سحر سَحَرنا به محمد حين خَيّلَ إلينا أنا نرى القمر منفلقا باثنين بسحره ، وهو سحر مستمرّ ، يعني يقول : سِحر مستمرّ ذاهب ، من قولهم : قد مرّ هذا السحر إذا ذهب . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : سِحْرٌ مُسْتَمِرّ قال : ذاهب .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وإنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرّ قال : إذا رأى أهل الضلالة آية من آيات الله قالوا : إنما هذا عمل السحر ، يوشك هذا أن يستمرّ ويذهب .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة وَيَقُولوا سِحْرٌ مُسْتَمِرّ يقول : ذاهب .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرّ كما يقول أهل الشرك إذا كُسِف القمر يقولون : هذا عمل السحرة .
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، قوله : سِحْرٌ مُسْتَمِرّ قال : حين انشقّ القمر بفِلقتين : فِلْقة من وراء الجبل ، وذهبت فلقة أخرى ، فقال المشركون حين رأوا ذلك : سحر مستمرّ .
وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يوجه قوله : مُسْتَمِرّ إلى أنه مستفعل من الإمرار من قولهم : قد مرّ الجبل : إذا صلب وقوي واشتدّ وأمررته أنا : إذا فتلته فتلاً شديدا ، ويقول : معنى قوله : وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرّ : سحر شديد .
وقوله : { وإن يروا } جاء اللفظ مستقبلاً لينتظم ما مضى وما يأتي ، فهو إخبار بأن حالهم هكذا ، واختلفت الناس في معنى : { مستمر } فقال الزجاج قيل معناه : دائم متماد . وقال قتادة ومجاهد والكسائي والفراء معناه : مار ذاهب عن قريب يزول . وقال أبو العالية والضحاك معناه : مشدود من مرائير الحبل كأنه سحر قد أمر ، أي أحكم . ومنه قول الشاعر [ لقيط بن زرارة ] : [ البسيط ]
حتى استمرت على شزر مريرته . . . صدق العزيمة لا رتّاً ولا ضرعا{[10755]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.