تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِن يَرَوۡاْ ءَايَةٗ يُعۡرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحۡرٞ مُّسۡتَمِرّٞ} (2)

الآية 2 وقوله تعالى : { وإن يروا آية يُعرِضوا } ذكر تعنّتهم وعنادهم أنهم { وإن يروا آية } سألوها { يُعرضوا } فلم يُرِهم تلك ، أو من سنّته أن كل آية جاءت على إثر السؤال ، فلم يقبلوها ، أُهلكوا .

فإذا كان من سنّته هذا ، وقد وعد تأخير عذاب الأمة إلى الساعة ، وعفا عنهم التعجيل ، لم يُرهم تلك الآيات المقترحة ، والله أعلم .

ويحتمل { وإن يروا آية } حسّية { يُعرِضوا } لأن آيات رسول الله صلى الله عليه وسلم عامّتها وأكثرها ، كانت عقلية وسمعية ، فيُخبر عن سفهِهم وتعنّتهم أنهم { وإن يروا آية } حسّية { يعرضوا } عنها ، وهو كقوله عز وجل : { ولو أننا نزّلنا إليهم الملائكة وكلّمهم الموتى وحشرنا عليهم كلّ شيء قُبلاً ما كانوا ليؤمنوا } [ الأنعام : 111 ] وكقوله تعالى : { ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلّوا فيه يعرُجون } { لقالوا إنما سُكّرت أبصارنا } الآية [ الحجر : 14 و15 ] .

وقوله تعالى : { ويقولوا سحرٌ مستمر } اختلف فيه :

منهم من قال : { سحر مستمر } أي ماض لم يزل الرسل عليهم السلام كانوا يأتون بمثله من السّحر . ومنهم من قال : { سحر مستمر } أي قوي مأخوذ من المرّة ، وهي القوة ، وأصل المرة الفتل . /539-أ/ ومنهم من قال : { سحرٌ مستمر } أي ذاهب ، يذهب ، ويتلاشى ، ولا يبقى .