البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِن يَرَوۡاْ ءَايَةٗ يُعۡرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحۡرٞ مُّسۡتَمِرّٞ} (2)

{ وإن يروا آية يعرضوا } ، وقرىء : وإن يروا مبنياً للمفعول : أي من شأنهم وحالتهم أنهم متى رأوا ما يدل على صدق الرسول الله صلى الله عليه وسلم من الآيات الباهرة أعرضوا عن الإيمان به وبتلك الآية .

وجاءت الجملة شرطية ليدل على أنهم في الاستقبال على مثل حالهم في الماضي ، ويقولوا : { سحر مستمر } : أي دائم ، ومنه قول الشاعر :

ألا إنما الدنيا ليال وأعصر *** وليس على شيء قويم بمستمر

لما رأوا الآيات متوالية لا تنقطع ، قالوا ذلك .

وقال أبو العالية والضحاك والأخفش : مستمر : مشدود موثق من مرائر الحبل ، أي سحر قد أحكم ، ومنه قول الشاعر :

حتى استمرت على سر مريرته *** صدق العزيمة لا رياً ولا ضرعا

وقال أنس ويمان ومجاهد والكسائي والفراء ، واختاره النحاس : مستمر : مار ذاهب زائل عن قريب ، عللوا بذلك أنفسهم .

وقيل مستمر : شديد المرارة ، أي مستبشع عندنا مر ، يقال : مر الشيء وأمر ، إذا صار مراً ، وأمر غيره ومره ، يكون لازماً ومتعدياً .

وقيل : مستمر : يشبه بعضه بعضاً ، أي استمرت أفعاله على هذا الوجه من التخيلات .

وقيل : مستمر : مار من الأرض إلى السماء ، أي بلغ من سحره أنه سحر القمر .