روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَإِن يَرَوۡاْ ءَايَةٗ يُعۡرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحۡرٞ مُّسۡتَمِرّٞ} (2)

و { ءايَةً } نكرة في سياق الشرط فتعم ، فالمعنى { وإن يروا آية يُعْرِضُواْ } عن التأمل فيها ليقفوا على وجه دلالتها وعلو طبقتها { وَيَقُولُواْ سِحْرٌ } أي هذا أو هو أي ما نراه سحر { مُّسْتَمِرٌّ } أي مطرد دائم يأتي به محمد صلى الله عليه وسلم على مر الزمان وهو ظاهر في ترادف الآيات وتتابع المعجزات .

وقال أبو العالية . والضحاك : { مُّسْتَمِرٌّ } محكم موثق من المرة بالفتح أو الكسر بمعنى القوة وهو في الأصل مصدر مررت الحبل مرة إذا فتلته فتلاً محكماً فأريد به مطلق المحكم مجازاً مرسلاً ، وقال أنس . ويمان .

ومجاهد . والكسائي . والفراء واختاره النحاس مستمر أي مارّ ذاهب زائل عن قريب عللوا بذلك أنفسهم ومنوهاً بالأماني الفارغة كأنهم قالوا : إن حاله عليه الصلاة والسلام وما ظهر من معجزاته سبحانه

. سحابة صيف عن قريب تقشع *** { ويأبى الله إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الكافرون } [ التوبة : 32 ] وقيل : { مُّسْتَمِرٌّ } مشتدّ المرارة أي مستبشع عندنا منفور عنه لشدة مرارته يقال : مرّ الشيء وأمرّ إذا صار مرّاً وأمرّ غيره ومرّه يكون لازماً ومتعدياً ، وقيل : { مُّسْتَمِرٌّ } يشبه بعضه بعضاً أي استمرت أفعاله على هذا الوجه من التخييلات ، وقيل : { مُّسْتَمِرٌّ } مار من الأرض إلى السماء أي بلغ من سحره أنه سحر القمر وهذا ليس بشيء ، ولعل الأنسب بغلوهم في العناد والمكابرة ما روي عن أنس ومن معه ، وقرئ وأن يروا بالبناء للمفعول من الإراءة .