جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَٱعۡتَرَفُواْ بِذَنۢبِهِمۡ فَسُحۡقٗا لِّأَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (11)

وقوله : فاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ يقول : فأقرّوا بذنبهم ووحّد الذنب ، وقد أضيف إلى الجمع ، لأن فيه معنى فعل ، فأدّى الواحد عن الجمع ، كما يقال : خرج عطاء الناس وأعطية الناس ، فَسُحْقا لأصحَاب السّعِيرِ ، يقول : فبُعدا لأهل النار . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : فَسُحْقا لأصحَابٍ السّعِيرِ يقول : بُعدا .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن سعيد بن جبير ، فَسُحْقا لأصَحابِ السّعِيرِ ، قال : سُحقا : واد في جهنم .

والقرّاء على تخفيف الحاء من السّحْق ، وهو الصواب عندنا ، لأن الفصيح من كلام العرب ذلك ، ومن العرب من يحرّكها بالضمّ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَٱعۡتَرَفُواْ بِذَنۢبِهِمۡ فَسُحۡقٗا لِّأَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (11)

ثم أخبر تعالى محمداً أنهم اعترفوا بذنبهم في وقت لا ينفع فيه الاعتراف ، وقوله تعالى : { فسحقاً } نصب على جهة الدعاء عليهم وجاز ذلك فيه ، وهو من قبل الله تعالى من حيث هذا القول مستقراً فيهم أزلاً ، ووجوده لم يقع ولا يقع إلا في الآخرة ، فكأنه لذلك في حيز المتوقع الذي يدعى فيه ، كما تقول : سحقاً لزيد وبعداً ، والنصب في هذا كله بإضمار فعل ، وأما ما وقع وثبت ، فالوجه فيه الرفع كما قال تعالى : { ويل للمطففين }{[11213]} [ المطففين : 1 ] ، و { سلام عليكم }{[11214]} [ الأنعام : 54 ، الأعراف : 46 ، الرعد : 24 ، القصص : 55 ، الزمر : 73 ] ، وغير هذا من الأمثلة ، وقرأ الجمهور : «فسحْقاً » بسكون الحاء ، وقرأ الكسائي : «فسُحقاً » بضم الحاء وهما لغتان .


[11213]:الآية 1 من سورة المطففين.
[11214]:من الآية 46 من سورة الأعراف، والآية 4 من سورة الرعد، والآية 32 من سورة النحل، والآية 55 من سورة القصص، والآية 73 من سورة الزمر.