جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٞۖ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ لَا يَسۡتَأۡخِرُونَ سَاعَةٗ وَلَا يَسۡتَقۡدِمُونَ} (34)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلِكُلّ أُمّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } .

يقول تعالى ذكره مهدّدا للمشركين الذين أخبر جلّ ثناؤه عنهم أنهم كانوا إذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها ، ووعيدا منه لهم على كذبهم عليه وعلى إصرارهم على الشرك به والمقام على كفرهم ، ومذكّرا لهم ما أحلّ بأمثالهم من الأمم الذين كانوا قبلهم : وَلِكُلّ أمّةٍ أجَلٌ يقول : ولكلّ جماعة اجتمعت على تكذيب رسل الله وردّ نصائحهم ، والشرك بالله مع متابعة ربهم حججه عليهم ، أجل ، يعني : وقت لحلول العقوبات بساحتهم ، ونزول المثلات بهم على شركهم . فإذَا جاءَ أجَلُهُمْ يقول : فإذا جاء الوقت الذي وقّته الله لهلاكهم وحلول العقاب بهم لا يَسْتأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ يقول : لا يتأخرون بالبقاء في الدنيا ولا يتمتعون بالحياة فيها عن وقت هلاكهم وحين حلول أجل فنائهم ساعة من ساعات الزمان . وَلا يَسْتَقْدِمُون يقول : ولا يتقدمون بذلك أيضا عن الوقت الذي جعله الله لهم وقتا للهلاك .