غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٞۖ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ لَا يَسۡتَأۡخِرُونَ سَاعَةٗ وَلَا يَسۡتَقۡدِمُونَ} (34)

26

ثم شدد أمر التكاليف بالآجال المحدودة والأنفاس المعدودة فقال : { ولكل أمة أجل } عن ابن عباس والحسن ومقاتل : معناه أنه تعالى أمهل كل أمة كذبت رسولها إلى وقت معين لا يعذبهم قبل ذلك ولا يؤخرهم عنه والمقصود وعيد أهل مكة . وقيل : معناه أن أجل العمر لا يتقدم ولا يتأخر سواء الهالك والمقتول . وأورد على القول الأول أنه ليس لكل أمة من الأمم وقت معين في نزول عذاب الاستئصال . وعلى الثاني أنه كان ينبغي أن يقال : ولكل إنسان أو أحد أجل . ويمكن أن يقال : الأمة هي الجماعة في كل زمان والمعلوم من حالها التفاوت في الآجال فزال السؤال . وليس المراد أنه تعالى لا يقدر على تبقيته أزيد من ذلك ولا أنقص ولا يقدر على أن يميته إلا في ذلك الوقت لأن هذا يقتضي خروجه سبحانه وتعالى عن كونه قادراً مختاراً أو صيرورته كالموجب لذاته ، بل المراد أنه تعالى اختار أن الأمر يقع على هذا الوجه وإنما ذكر الساعة لأن هذا الجزء من الزمان أقل ما يستعمل في تقليل الأوقات عرفاً . والساعة في اصطلاح أهل النجوم جزء من أربعة وعشرين جزءاً من يوم بليلته . قيل : إن عند حضور الأجل يمتنع عقلاً وقوع ذلك الأجل في الوقت المتقدم فما معنى قوله : { ولا يستقدمون } ؟ وأجيب بأن مجيء الأجل محمول على قرب حضور الأجل كقوله العرب : جاء الشتاء إذا قارب وقته ومع مقاربة الأجل يصح التقدم على ذلك الوقت تارة والتأخر عنه أخرى .

/خ34