الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٞۖ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ لَا يَسۡتَأۡخِرُونَ سَاعَةٗ وَلَا يَسۡتَقۡدِمُونَ} (34)

أخرج ابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والخطيب في تالي التلخيص وابن النجار في تاريخه عن أبي الدرداء قال : « تذاكرنا زيادة العمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلنا : من وصل رحمه أنسيء في أجله . فقال » إنه ليس بزائدة في عمره ، قال الله { فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } ولكن الرجل يكون له الذرية الصالحة فيدعون الله له من بعده فيبلغه ذلك ، فذلك الذي ينسأ في أبده ، وفي لفظ : فيلحقه دعاؤهم في قبره ، فذلك زيادة العمر » .

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن أبي عروبة قال : كان الحسن يقول : ما أحمق هؤلاء القوم . . . ! يقولون . اللهم أطل عمره ، والله يقول { فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر من طريق الزهري عن ابن المسيب قال : لما طعن عمر قال كعب : لو دعا الله عمر لأَخَّر في أجله . فقيل له : أليس قد قال الله { فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } ؟ فقال كعب : وقد قال الله { وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب } [ فاطر : 11 ] قال الزهري : وليس أحد إلا له عمر مكتوب ، فرأى أنه ما لم يحضر أجله فإن الله يؤخر ما شاء وينقص { فإذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } .

وأخرج ابن سعد في الطبقات عن كعب قال : كان في بني إسرائيل ملك إذا ذكرناه ذكرنا عمر وإذا ذكرنا عمر ذكرناه ، وكان إلى جنبه يوحى إليه ، فأوحى الله إلى النبي أن يقول له : أعهد عهدك واكتب إلي وصيتك فإنك ميت إلى ثلاثة أيام ، فأخبره النبي بذلك ، فلما كان في اليوم الثالث وقع بين الجدر وبين السرير ، ثم جار إلى ربه فقال : اللهم إن كنت تعلم أني كنت أعدل في الحكم ، وإذا اختلفت الأمور ابتعت هداك ، وكنت فزدني في عمري حتى يكبر طفلي وتربوا أمتي . فأوحى الله إلى النبي : أنه قد قال كذا وكذا وقد صدق : وقد زدته في عمره خمس عشرة سنة ، ففي ذلك ما يكبر طفله وتربو أمته ، فلما طعن عمر قال كعب : لئن سأل عمر ليبقينه ، فأخبر بذلك عمر فقال : اللهم اقبضني إليك غير عاجز ولا ملوم .

وأخرج ابن سعد عن ابن أبي مليكة قال : لما طعن عمر جاء كعب ، فجعل يبكي بالباب ويقول قال : والله لو أن أمير المؤمنين يقسم على الله أن يؤخره لأخَّرَهُ ، فدخل ابن عباس عليه فقال : يا أمير المؤمنين هذا كعب يقول كذا وكذا ؟ قال : إذاً والله لا أسأله .

وأخرج البيهقي في الدلائل وابن عساكر عن يحيى بن عبد الرحمن بن لبيبة عن أبيه عن جده قال : جاء سعد بن أبي وقاص فقال : يا رب إن لي بنين صغاراً فأخِّر عني الموت حتى يبلغوا ، فأخر عنه الموت عشرين سنة .

وأخرج أحمد عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « من سره النسأ في الأجل والزيادة في الرزق فليصل رحمه » .

وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى عليه وسلم « من ولي من أمر أمتي شيئاً فحسنت سريرته رزق الهيبة من قلوبهم ، وإذا بسط يده لهم بالمعروف رزق المحبة منهم ، وإذا وفر عليهم أموالهم وفر الله عليه ماله ، وإذا أنصف الضعيف من القوي قوّى الله سلطانه ، وإذا عدل مدَّ في عمره » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال : من اتقى ربه ، ووصل رحمه ، نسىء له في عمره ، وربا ماله ، وأحبه أهله .