فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٞۖ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ لَا يَسۡتَأۡخِرُونَ سَاعَةٗ وَلَا يَسۡتَقۡدِمُونَ} (34)

قوله : { وَلِكُلّ أُمَّةٍ أَجَلٌ } أي وقت معين محدود ينزل فيه عذابهم من الله أو يميتهم فيه ، ويجوز أن تحمل الآية على ما هو أعم من الأمرين جميعاً . والضمير في { أَجَلُهُمْ } لكل أمة أي إذا جاء أجل كل أمة من الأمم كان ما قدّره عليهم واقعاً في ذلك الأجل ، لا يستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون عنه ساعة . قال أبو السعود ما معناه : إن قوله : { وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } عطف على { يستأخرون } لكن لا لبيان انتفاء التقدّم ، مع إمكانه في نفسه كالتأخر ، بل للمبالغة في انتفاء التأخر بنظمه في سلك المستحيل عقلاً . وقيل المراد بالمجيء الدنوّ بحيث يمكن التقدّم في الجملة كمجيء اليوم الذي ضرب لهلاكهم ساعة منه وليس بذاك . وقرأ ابن سيرين «آجالهم » بالجمع ، وخصّ الساعة بالذكر لأنها أقل أسماء الأوقات . وقد استدل بالآية الجمهور على أن كل ميت يموت بأجله ، وإن كان موته بالقتل أو التردي أو نحو ذلك ، والبحث في ذلك طويل جدّاً ، ومثل هذه الآية قوله تعالى : { مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتأخِرُونَ } .

/خ39