التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{جَنَّـٰتِ عَدۡنٖ مُّفَتَّحَةٗ لَّهُمُ ٱلۡأَبۡوَٰبُ} (50)

فصل - سبحانه - ما أعده لهم-للمتقين-فى الآخرة من تكريم فقال : { جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الأبواب } .

والعدن فى اللغة : الإِقامة الدائمة فى المكان . يقال : عدن فلان بمكان كذا ، إذا أقام به إقامة دائمة . وجنات : بدل اشتمال من قوله : { لَحُسْنَ مَآبٍ } . أى : هؤلاء المتقون أكرمناهم فى الدنيا بالذكر الحسن . ونكرمهم فى الآخرة بأن ندخلهم جنات عظيمة دخولا دائما مؤبدا ، وقد فتحت أبوابها على سبيل التكريم لهم . والحفاوة بمقدمهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{جَنَّـٰتِ عَدۡنٖ مُّفَتَّحَةٗ لَّهُمُ ٱلۡأَبۡوَٰبُ} (50)

و { جنات } بدل من «حسن » و { مفتحة } نعت للجنات . و { الأبواب } مفعول لم يسم فاعله ، والتقدير عند الكوفيين : مفتحة لهم أبوابها ، ولا يجوز ذلك عند أهل البصرة ، والتقدير عندهم : الأبواب منها ، وإنما دعا إلى هذا الضمير أن الصفة لا بد أن يكون فيها عائداً على الموصوف .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{جَنَّـٰتِ عَدۡنٖ مُّفَتَّحَةٗ لَّهُمُ ٱلۡأَبۡوَٰبُ} (50)

وانتصب { جنَّاتِ عدنٍ } على البيان من { حسن مئاب . } والعدن : الخلود .

{ مُفَتَحَةً } حال من { جنَّاتتِ عدنٍ } ، والعامل في الحال ما في { للمُتَّقينَ } من معنى الفعل وهو الاستقرار فيكون ( ال ) في { الأبوابُ } عوضاً عن الضمير . والتقدير : أبوابها ، على رأي نحاة الكوفة ، وأما عند البصريين ف { الأبواب } بدل من الضمير في { مُفتَّحَةً } على أنه بدل اشتمال أو بعض والرابط بينه وبين المبدل منه محذوف تقديره : الأبواب منها . وتفتيح الأبواب كناية عن التمكين من الانتفاع بنعيمها لأن تفتيح الأبواب يستلزم الإِذن بالدخول وهو يستلزم التخلية بين الداخل وبين الانتفاع بما وراء الأبواب .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{جَنَّـٰتِ عَدۡنٖ مُّفَتَّحَةٗ لَّهُمُ ٱلۡأَبۡوَٰبُ} (50)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله تعالى ذكره:"جَنّاتِ عَدْنٍ": بيان عن حسن المآب، وترجمة عنه، ومعناه: بساتينُ إقامة...

وقوله: "مُفَتّحَةً لَهُمُ الأَبْوَابُ "يعني: مفتحة لهم أبوابها...

فإن قال لنا قائل: وما في قوله: "مُفَتّحَةً لَهُمُ الأبْوَابُ "من فائدة خبر حتى ذكر ذلك؟ قيل: فإن الفائدة في ذلك إخبار الله تعالى عنها أن أبوابها تفتح لهم بغير فتح سكانها إياها، بمعاناة بيدٍ ولا جارحة، ولكن بالأمر فيما ذُكر.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

بين حسن المرجع الذي يرجعون إليه حين قال عز وجل: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ} أي مقام، يقال: عدن في مكان كذا، أي أقام، كأنه قال: جنات مقام فيها {لا يبغون عنها حولا} [الكهف: 108]

وقال بعضهم: عدن الذي هو وسط الشيء كأنه ذكر أن الجنة عدن، كانت وسط الجنان.

يحتمل قوله: {مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ} أبواب الجنة، يقال لهم: ادخل أي باب من أبوابها شئت على ما يقوله بعض الناس، وجائز أن تكون أبواب كل أحد منهم في الجنة، تكون مفتحة؛ لأن الإغلاق في الأبواب إنما يكون في الدنيا إما لخوف السرق أو نظر الناس إلى أهله وحرمه، وخوف نظر أهله إلى الناس لهذا المعنى تتخذ الأبواب في الدنيا، والغلق والإغلاق دونهم، وليس ذلك المعنى في الجنة لما أخبر أن أزواجهم يكن قاصرات الطرف، لا ينظرن إلى غير أزواجهن.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

إذا جاؤوها لا يلحقهم ذُلُّ الحجاب، ولا كُلْفَةُ الاستئذان، تستقبلهم الملائكةُ بالترحاب والتبجيل.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أنه تعالى وصف من أحوال أهل الجنة في هذه الآية أشياء الأول: أحوال مساكنهم، فقوله: {جنات عدن} يدل على أمرين:...

الثاني: كونها دائمة آمنة من الانقضاء...

{مفتحة لهم الأبواب} وجوه:

الأول: أن يكون المعنى أن الملائكة الموكلين بالجنان إذا رأوا صاحب الجنة فتحوا له أبوابها وحيوه بالسلام، فيدخل كذلك محفوفا بالملائكة على أعز حال وأجمل هيئة قال تعالى: {حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين}.

الثاني: أن تلك الأبواب كلما أرادوا انفتاحها انفتحت لهم، وكلما أرادوا انغلاقها انغلقت لهم.

الثالث: المراد من هذا الفتح، وصف تلك المساكن بالسعة، ومسافرة العيون فيها ومشاهدة الأحوال اللذيذة الطيبة...

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

إنما قال:"مفتحة" ولم يقل مفتوحة؛ لأنها تفتح لهم بالأمر لا بالمس...

التفسير القيم لابن القيم 751 هـ :

إذا دخلوا الجنة لم تغلق أبوابها عليهم، بل تبقى مفتحة كما هي، وأما النار فإذا دخلها أهلها أغلقت عليهم أبوابها، كما قال تعالى {إنها عليهم مؤصدة} [الهمزة: 8] أي مطبقة مغلقة.

أيضا فإن في تفتيح الأبواب لهم إشارة إلى تصرفهم وذهابهم وإيابهم وتبوئهم في الجنة حيث شاءوا، ودخول الملائكة عليهم كل وقت بالتحف والألطاف من ربهم، ودخول ما يسرهم عليهم كل وقت...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما شوق سبحانه إلى هذا الجزاء أبدل منه أو بينه بقوله: {جنات عدن} أي إقامة في استمراء وطيب عيش ونمو وامتلاء وشرف أصل، ولما كانت من الأعلام الغالبة، نصب عنها على الحال قوله: {مفتحة} أي تفتيحاً كثيراً وبليغاً من غير أن يعانوا في فتحها شيئاً من نصب أو طلب أو تعب، وأشار جعل هذا الوصف مفرداً أن تفتيحها على كثرتها كان لهم في آن واحد حتى كأنها باب واحد.

{لهم} أي لا لغيرهم.

{الأبواب} التي لها والتي فيها.