التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قُل لِّلَّهِ ٱلشَّفَٰعَةُ جَمِيعٗاۖ لَّهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (44)

ثم أمر - سبحانه - رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبين لهم أن الله - تعالى - هو مالك الشفاعة كلها ، وأنه لن يستطيع أحد أن يشفع إلا بإذنه ، فقال : { قُل لِلَّهِ الشفاعة جَمِيعاً .

. . } .

أى : قل لهم : الله - تعالى - هو المالك للشفاعة كلها ، وآلهتكم هذه لا تملك شيئا من ذلك ، بل أنتم وآلهتكم - أيها المشركون - ستكونون وقودا لنار جهنم .

وهو سبحانه - : { لَّهُ مُلْكُ السماوات والأرض } ملكا تاما لا تصرف لأحد فى شئ منهما معه ، ولا شفاعة لأحد إلا بإذنه .

{ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } يوم القيامة فيحاسبكم على أعمالكم ، ويجازى الذين أساءوا بما عملوا ويجازى الذين أحسنوا بالحسنى .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُل لِّلَّهِ ٱلشَّفَٰعَةُ جَمِيعٗاۖ لَّهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (44)

ثم أمره بأن يخبر بأن جميع الشفاعة إنما هو لله تعالى . و : { جميعاً } نصب على الحال ، والمعنى ان الله تعالى يشفع ثم لا يشفع أحد قبل شفاعته إلا بإذنه ، فمن حيث شفاعة غيره موقوفة على إذنه بالشفاعة كلها له ومن عنده .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُل لِّلَّهِ ٱلشَّفَٰعَةُ جَمِيعٗاۖ لَّهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (44)

ولما نفى أن يكون لأصنامهم شيء من الشفاعة في عموم نفي مِلْك شيء من الموجودات عَن الأصنام ، قوبل بقوله : { لله الشفاعة } أي الشفاعة كلها لله . وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يقول ذلك لهم ليعلموا أن لا يملك الشفاعة إلا الله ، أي هو مالك إجابة شفاعة الشفعاء الحقِّ . وتقديم الخبر المجرور وهو { لله } على المبتدأ لإِفادة الحصر . واللام للملك ، أي قَصر ملك الشفاعة على الله تعالى لا يملك أحد الشفاعة عنده .

و { جميعاً } حال من الشفاعة مفيدة للاستغراق ، أي لا يشذ جزئي من جزئيات حقيقة الشفاعة عن كونه مِلكاً لله وقد تأكد بلازم هذه لحال ما دل عليه الحصر من انتفاء أن يكون شيء من الشفاعة لغير الله .

وجملة { له ملك السموات والأرض } لتعميم انفراد الله بالتصرف في السماوات والأرض الشامل للتصرف في مؤاخذة المخلوقات وتسيير أمورهم فموقعها موقع التذييل المفيد لتقرير الجملة التي قبله وزيادة . والمراد المُلك بالتصرف بالخلق وتصريف أحوال العالميْن ومن فيهما ، فإذا كان ذلك المُلك له فلا يستطيع أحد صرفه عن أمر أراد وقوعه إلى ضد ذلك الأمر في مدة وجود السماوات والأرض ، وهذا إبطال لأن تكون لآلهتهم شفاعة لهم في أحوالهم في الدنيا . وعطف عليه { ثم إليه ترجعون } للإِشارة إلى إثبات البعث وإلى أنه لا يشفع أحد عند الله بعد الحشر إلا من أَذِنه الله بذلك .

و { ثم } للترتيب الرتبي كشأنها في عطف الجمل ، ذلك لأن مضمون { إليه ترجعون } أن لله ملكَ الآخرة كما كان له ملك الدنيا وملك الآخرة أعظم لسعة مملوكاته وبقائها . وتقديم { إليه } على { تُرجَعُون } للاهتمام والتقوِّي وللرعاية على الفاصلة .