مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{قُل لِّلَّهِ ٱلشَّفَٰعَةُ جَمِيعٗاۖ لَّهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (44)

43

وهذا هو المراد من قوله تعالى : { قل لله الشفاعة جميعا } ثم بين أنه لا ملك لأحد غير الله بقوله : { له ملك السموات والأرض ثم إليه ترجعون } ومنهم من تمسك في نفي الشفاعة مطلقا بقوله تعالى : { قل لله الشفاعة جميعا } وهذا ضعيف لأنا نسلم أنه سبحانه ما لم يأذن في الشفاعة لم يقدر أحد على الشفاعة ، فإن قيل قوله : { الله يتوفى الأنفس حين موتها } فيه سؤال لأن هذا يدل على أن المتوفى هو الله فقط ، وتأكد هذا بقوله :

{ الذي خلق الموت والحياة } وبقوله : { ربي الذي يحي ويميت } وبقوله : { كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم } ثم إن الله تعالى قال في آية أخرى : { قل يتوفاكم ملك الموت } وقال في آية ثالثة : { حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا } وجوابه أن المتوفي في الحقيقة هو الله ، إلا أنه تعالى فوض في عالم الأسباب كل نوع من أنواع الأعمال إلى ملك من الملائكة ، ففوض قبض الأرواح إلى ملك الموت وهو رئيس وتحته أتباع وخدم فأضيف التوفي في هذه الآية إلى الله تعالى بالإضافة الحقيقية ، وفي الآية الثانية إلى ملك الموت لأنه هو الرئيس في هذا العمل وإلى سائر الملائكة لأنهم هم الأتباع لملك الموت ، والله أعلم .