التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَأَنَّا لَمَسۡنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدۡنَٰهَا مُلِئَتۡ حَرَسٗا شَدِيدٗا وَشُهُبٗا} (8)

ثم حكى - سبحانه - عنهم ما قالوه عند اقترابهم من السماء ، طلبا لمعرفة أخبارها .

. قبل أن يؤمنوا فقال : { وَأَنَّا لَمَسْنَا السمآء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً . وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآن يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً } .

وقوله : { لَمَسْنَا } من اللمس ، وحقيقته الجس واليد ، واستعير هنا ، لطلب أخبار السماء ، لأن الماس للشئ فى العادة ، إنما يفعل ذلك طلبا لاختباره ومعرفته .

والحرس : اسم جمع للحراس ، كخدم وكخدام ، والشهب : جمع شهاب ، وهو القطعة التى تنفصل عن بعض النجوم ، فتسقط فى الجو أو على الأرض أو فى البحر .

أى : وأنا طلبنا أخباء السماء كما هى عادتنا قبل أن نؤمن { فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً } أى : فوجدناها قد امتلأت بالحراس الأشداء من الملائكة الذين يحرسونها من استراق السمع . . كما أنا قد وجدناها قد امتلأت بالشهب التى تنقض على مسترقى السمع فتحرقهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَأَنَّا لَمَسۡنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدۡنَٰهَا مُلِئَتۡ حَرَسٗا شَدِيدٗا وَشُهُبٗا} (8)

وأنا لمسنا السماء طلبنا بلوغ السماء أو خبرها واللمس مستعار من المس للطلب كالجس يقال ألمسه والتمسه وتلمسه كطلبه واطلبه وتطلبه فوجدناها ملئت حرسا حراسا اسم جمع كالخدم شديدا قويا وهم الملائكة الذين يمنعونهم عنها وشهبا جمع شهاب وهو المضيء المتولد من النار .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَأَنَّا لَمَسۡنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدۡنَٰهَا مُلِئَتۡ حَرَسٗا شَدِيدٗا وَشُهُبٗا} (8)

وقولهم { وأنا لمسنا } قال معناه التمسنا ويظهر بمقتضى كلام العرب أنها استعارة لتجربتهم أمرها وتعرضهم لها فسمي ذلك لمساً إذ كان اللمس غاية غرضهم ونحو هذا قول المتنبي : [ الطويل ]

تعد القرى والمس بنا الجيش لمسة*** نبادرْ إلى ما تشتهي يدك اليمنى{[11366]}

فعبر عن صدم الجيش بالجيش وحربه باللمس ، وهذا كما تقول المس فلاناً في أمر كذا ، أي جرب مذهبه فيه ، و { ملئت } إما أن يكون في موضع المفعول الثاني ل «وجدنا » ، وإما أن يقصر الفعل على مفعول واحد ويكون { ملئت } في موضع الحال ، وكان الأعرج يقرأ «مليت » لا يهمز ، والشهب : كواكب الرجم ، والحرس : يحتمل أن يريد الرمي بالشهب . وكرر المعنى بلفظ مختلف ، ويحتمل أن يريد الملائكة .


[11366]:هذا البيت من قصيدة قالها المتنبي يحث سيف الدولة على لقاء الروم في السنبوس سنة أربعين وثلاثمائة (951م)، وكان قد عزم على لقائهم ثم بلغه عدتهم أربعين ألفا فتهيب أصحابه الموقف، لكن المتنبي تحدث عن بطولات العرب والمسلمين وعن أمجادهم، وقال: إنا نقصد للموت كما يقصد الحبيب لقاء محبوبه، ومعنى (تعد القرى): تجاوزها، والخطاب لسيف الدولة، و(نبار) معناها: نسابق، يقول لسيف الدولة: تجاوز القرى العامرة إلى الصحراء والق بنا جيش الروم حتى نلامسه ملامسة فستجدنا نسابق يدك اليمنى ونسبقها إلى ما تشتهي نفسك وهو هزيمة الروم والسيطرة على بلادهم، ولعله يعني أن النصر بنا يكون أسرع إليك مما لو تناولته بيدك أنت، والشاهد أنه عبر عن صدام الجيش بالجيش مستخدما لفظه اللمس.