التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَئِمَّةٗ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلنَّارِۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَا يُنصَرُونَ} (41)

{ وَجَعَلْنَاهُمْ } أى : فرعون وجنوده ، { أَئِمَّةً } فى الكفر والفسوق والعصيان بسبب أنهم { يَدْعُونَ } ، غيرهم إلى ما يوصل { إِلَى النار } وسعيرها والاحتراق بها .

{ وَيَوْمَ القيامة لاَ يُنصَرُونَ } أى : ويوم القيامة لا يجدون من ينصرهم ، بأن يدفع العذاب عنهم بأية صورة من الصور .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَئِمَّةٗ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلنَّارِۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَا يُنصَرُونَ} (41)

{ وجعلناهم أئمة } قدوة للضلال بالحمل على الإضلال ، وقيل بالتسمية كقوله تعالى : { وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا } ، أو بمنع الألطاف الصارفة عنه { يدعون إلى النار } إلى موجباتها من الكفر والمعاصي . { يوم القيامة لا ينصرون } بدفع العذاب عنهم .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَئِمَّةٗ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلنَّارِۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَا يُنصَرُونَ} (41)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وجعلناهم أئمة} يعني: قادة في الشرك {يدعون إلى النار} يعني: يدعون إلى الشرك، وجعل فرعون والملأ قادة الشرك، وأتبعناهم أهل مصر {ويوم القيامة لا ينصرون} يعني: لا يمنعون من العذاب.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: وجعلنا فرعون وقومه أئمة يأتمّ بهم أهل العتوّ على الله، والكفر به، يدعون الناس إلى أعمال أهل النار. "وَيَوْمَ القِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ "يقول جلّ ثناؤه: ويوم القيامة لا ينصرهم إذا عذّبهم اللّهُ ناصرٌ، وقد كانوا في الدنيا يتناصرون، فاضمحلت تلك النصرة يومئذٍ.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار} ذكر في هؤلاء أنه جعلهم أئمة في الشر، وذكر في الرسل وأهل الخير أنه جعلهم أئمة في الخير حين قال: {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات} [الأنبياء: 73] وقال: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير} [آل عمران: 104]. فكان من الله تعالى من أهل الخير صنع ومعنى حتى صاروا بذلك أئمة الخير ما لم يكن ذلك منه بأهل الشر وأئمة السوء...

وقوله تعالى: {أئمة يدعون إلى النار} تصريحا لأنهم لو دعوهم إلى النار لا يجيبونهم، ولكن يدعونهم إلى أعمال توجب لهم النار، لو أجابوهم. وهو كقوله: {فما أصبرهم على النار} [البقرة: 175]. أي ما أصبرهم على عمل يستوجبون به النار. وقوله تعالى: {ويوم القيامة لا ينصرون} كأن الشيطان مناهم النصر والشفاعة بعبادة الأصنام، فيخبر أنهم لا ينصرون لما مناهم.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

...صمموا على الكفر حتى كانوا أئمة فيه دعاة إليه وإلى سوء عاقبته...

{وَيَوْمَ القيامة لاَ يُنصَرُونَ} كأنه قيل: وخذلناهم في الدنيا وهم يوم القيامة مخذولون.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

أي هم بذلك كالداعين إلى النار وهم فيه أئمة من حيث اشتهروا وبقي حديثهم، فهم قدوة لكل كافر وعات إلى يوم القيامة.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان "من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة "وكانوا أول من أصر وأطبق في ذلك الزمان على تكذيب الآيات، وإخفاء الدلالات النيرات، على تواليها وكثرتها، وطول زمانها وعظمتها وكانت منابذة العقل واتباع الضلال في غاية الاستبعاد، لا سيما إن كانت ضامنة للهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة، قال تعالى في مظهر العظمة: {وجعلناهم} أي في الدنيا {أئمة} أي متبوعين في رد ما لا يرده عاقل من مثل هذه الآيات، أي جعلنا أمرهم شهيراً حتى لا يكاد أحد يجهله، فكل من فعل مثل أفعالهم من رد الحق والتجبر على الخلق، فكأنه قد اختار الاقتداء بهم وإن لم يكن قاصداً ذلك، فأطلق ذلك عليه رفعاً له عن النسبة إلى أنه يعمل ما يلزمه الاتسام به وهو عاقل عنه كما أنه لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه أول من سن القتل.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

عطف على جملة {واستكبر هو وجنوده} [القصص: 39] أي استكبروا فكانوا ينصرون الضلال ويبثونه، أي جعلناه وجنوده أيمة للضلالة المفضية إلى النار فكأنهم يدعون إلى النار فكل يدعو بما تصل إليه يده؛ فدعوة فرعون أمره، ودعوة كهنته باختراع قواعد الضلالة وأوهامها، ودعوة جنوده بتنفيذ ذلك والانتصار له. والأيمة: جمع إمام وهو من يقتدى به في عمل من خير أو شر قال تعالى {وجعلناهم أيمة يهدون بأمرنا} [الأنبياء: 73]. ومعنى جعلهم أيمة يدعون إلى النار: خلق نفوسهم منصرفة إلى الشر ومعرضة عن الإصغاء للرشد وكان وجودهم بين ناس ذلك شأنهم. فالجعل جعل تكويني بجعل أسباب ذلك، والله بعث إليهم الرسل لإرشادهم فلم ينفع ذلك فلذلك أصروا على الكفر. والدعاء إلى النار هو الدعاء إلى العمل الذي يوقع في النار فهي دعوة إلى النار بالمآل. وإذا كانوا يدعون إلى النار فهم من أهل النار بالأحرى فلذلك قال {ويوم القيامة لا ينصرون} أي لا يجدون من ينصرهم فيدفع عنهم عذاب النار.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} من خلال المفاهيم الشركيّة والخطط المنحرفة التي تُبعد الإنسان عن الله، وتقرّبه من النار. وهكذا تقف كل القيادات الكافرة والضالة والطاغية، لتكون في موقع الإِمامة المضلّة التي تدعو إلى النار، وليس المراد من الجعل المعنى التكويني منه، وذلك، بأن يهيِّئهم الله لذلك من داخل العناصر الذاتية التي يكوّنها في عمق شخصيتهم على سبيل الجبر، بل المراد به حدوث ذلك بفعل الأسباب الاختيارية التي تتحرك بها أفكارهم وإراداتهم في ما ينطلقون به من أفكار وخططٍ ومواقف، ليكونوا في المستوى الواقعي للإمامة المستعلية القائدة التي تعمل على إضلال الناس الذي يؤدي إلى النار. ولكن قوتهم هذه قد لا تسمح لهم بأيّ امتيازٍ في يوم القيامة، فهم هناك في موقع الخائف المنبوذ الذي لا يدفع عن نفسه ضراً ولا يجلب لها نفعاً، ولا ناصر لهم من دون الله {وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لاَ يُنصَرُونَ} لأن الله وحده هو مالك الأمر كله في الآخرة كما هو مالكه في الدنيا.