اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَئِمَّةٗ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلنَّارِۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَا يُنصَرُونَ} (41)

قوله{[40375]} : «وَجَعَلْنَاهُمْ » أي : صيَّرَنَاهُم وقال الزمخشري : دعوناهم{[40376]} ، كأنه فر من نسبة ذلك إلى الله تعالى ، أعني{[40377]} : التصيير لأنه لا يوافق مذهبه{[40378]} ، ويدعون صفة ل «أَئِمَّة » وقال الجبائي : وجعلناهم : أي بيَّنا ذلك من حالهم وسميناهم به ، ومنه قوله : { وَجَعَلُوا الملائكة الذين هُمْ عِبَادُ الرحمن إِنَاثاً }{[40379]} [ الزخرف : 19 ] . وقال أبو مسلم : معنى الإمامة التقدم ، فلما عجَّل الله{[40380]} لهم العذاب صاروا متقدّمين لمن وراءهم من{[40381]} الكافرين{[40382]} .

ومعنى دعوتهم إلى النار : دعوتهم إلى موجباتها من الكفر والمعاصي ، فإن أحداً لا يدعو إلى النار ألبتة ، وإنما جعلهم الله أئمةً في هذا الباب ، لأنهم بلغوا في هذا الباب إلى أقصى النهايات ومن كان كذلك استحق أن يكون إماماً يقتدى به في ذلك الباب{[40383]} .

قوله : { وَيَوْمَ القيامة لاَ يُنصَرُونَ } لا يمنعون من العذاب ، كما تنصر الأئمة الدعاة إلى الجنة ،


[40375]:في ب: قوله تعالى.
[40376]:الكشاف 3/170.
[40377]:في ب: عن.
[40378]:لأن (جعل) إذا كانت بمعنى (صيَّر) فيكون الله قد خلق ذلك لهم، والمعتزلة لا يجوزون ذلك.
[40379]:انظر الفخر الرازي 24/254.
[40380]:لفظ الجلالة سقط من ب.
[40381]:في ب: من الكفار.
[40382]:انظر الفخر الرازي 24/254.
[40383]:انظر الفخر الرازي 24/254.