[ الآية 41 ] وقوله تعالى : { وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار } ذكر في هؤلاء أنه جعلهم أئمة في الشر ، وذكر في الرسل وأهل الخير أنه جعلهم أئمة في الخير حين{[15355]} قال : { وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات } [ الأنبياء : 73 ] وقال{[15356]} : { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير } [ آل عمران : 104 ] .
فكان من الله تعالى من أهل الخير صنع ومعنى حتى صاروا بذلك أئمة الخير ما لم يكن ذلك منه بأهل الشر وأئمة السوء .
فهذا على المعتزلة لأنهم يقولون : لم يكن من الله إلى الرسل وقادة الخير إلا وقد كان ذلك منه إلى كل كافر وفاسق . فلو كان على ما قالوا لكان لا يحتمل أن يصير هؤلاء/ 398- أ/ أئمة الخير وأولئك أئمة الشر بأعمالهم أيضا ، وإن كان ما مَنَّ الله عليهم على السواء . لكن يضاف ذلك إلى الله بأسباب تكون منه . وكانت حقيقة ذلك منهم وبعلمهم نحو { إنما تنذر من اتبع الذكر } [ يس : 11 ] أضاف إنذاره إلى من اتبع الذكر ، وإن كان رسول الله [ أنذر من اتبع الذكر ] {[15357]} ومن لم يتبع .
وكذلك ما قال في الشيطان{[15358]} : إنما يدعو الحزبين جميعا . لكنه أضاف دعاءه إلى حزبه لما منهم تكون له الإجابة ، وأضاف إنذار رسول الله إلى من اتبعه ، وقبله ، لطاعتهم له .
فعلى ذلك الأول ؛ أضاف ذلك إل نفسه لفعلهم . لكن عندنا لا يكون من الخالق{[15359]} في فعل الخلق حقيقة الفعل ، إنما يكون منهم الأسباب ، ويكون من الله تعالى في أفعالهم الأسباب وحقيقة الفعل ، فتكون إضافة ذلك إلى الله على حقيقة الفعل والأسباب جميعا ، وإلى الخلق لأسباب تكون منهم إليهم .
والثاني إنما خص بالإنذار من اتبع الذكر لأنه إنما يقصد بالإنذار [ من تبعه لا من يتبعه ]{[15360]} وكذلك الشيطان إنما يقصد بدعائه إياهم ضررهم . وإن كان الرسول ينذر الخلق جميعا الذي يتبعه والذي لا يتبعه . وكذلك الشيطان يدعو الحزبين جميعا ؛ لأن هذا يقصد ضررهم بما يدعوهم إليه .
ألا ترى أنه قال : { إنما يدعوحزبه ليكونوا من أصحاب السعير } ؟ [ فاطر : 6 ] والرسول بما ينذر يقصد نفعهم ؛ لذلك خص الإنذار لمن اتبعه ، وخص في ذلك حزبه .
وقوله تعالى : { أئمة يدعون إلى النار } تصريحا لأنهم لو دعوهم إلى النار لا يجيبونهم ، ولكن يدعونهم إلى أعمال توجب لهم النار ، لو أجابوهم . وهو كقوله : { فما أصبرهم على النار } [ البقرة : 175 ] . أي ما أصبرهم على عمل ، يستوجبون به بالنار .
وقوله تعالى : { ويوم القيامة لا ينصرون } كأن الشيطان مناهم النصر والشفاعة بعبادة الأصنام ، فيخبر أنهم لا ينصرون لما مناهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.