التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَقُلۡنَا ٱذۡهَبَآ إِلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا فَدَمَّرۡنَٰهُمۡ تَدۡمِيرٗا} (36)

{ فَقُلْنَا اذهبآ إِلَى القوم الذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً } والتدمير : أشد الإهلاك .

وأصله كسر الشىء على وجه لا يمكن إصلاحه ، وفى الكلام حذف يعرف من السياق .

والمعنى : فقلنا لهما اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا ، وهم فرعون وقومه ، فذهبا إليهم ودعواهم إلى الإيمان ، فأعرضوا عنهما وكذبوهما ، وتمادوا فى طغيانهم ، فكانت عاقبة ذلك أن دمرناهم تدميرا عجيبا ، بأن أغرقهم الله جميعا ، أمام موسى و من معه .

فقوله - تعالى - { فَدَمَّرْنَاهُمْ . . } معطوف على مقدر ، أى : فذهبا إليهم فكذبوهما فدمرناهم تدميرا .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَقُلۡنَا ٱذۡهَبَآ إِلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا فَدَمَّرۡنَٰهُمۡ تَدۡمِيرٗا} (36)

يقول تعالى متوعداً من كذّب رسولَه محمداً ، صلوات الله وسلامه عليه ، من مشركي قومه ومن خالفه{[21522]} ، ومحذرهم من عقابه وأليم عذابه ، مما أحله بالأمم الماضية المكذبين لرسله ، فبدأ بذكر موسى ، عليه السلام ، وأنه ابتعثه وجعل معه أخاه هارون وزيرا ، أي : نبيًّا مُوَازرا ومؤيداً وناصراً ، فكذبهما فرعون وجنوده ، ف { دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا } [ محمد : 10 ] . ، وكذلك فعلَ بقوم نوح حين كذّبوا رسوله نوحاً ، عليه السلام ، ومن كذب برسول فقد كذب بجميع الرسل ؛ إذ لا فرق بين رسول ورسول ، ولو فرض أن الله بعث إليهم كل رسول فإنهم كانوا يكذبونه ؛ ولهذا قال : { وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ } ، ولم يبعث إليهم إلا نوح فقط ، وقد لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً ، يدعوهم إلى الله ، ويحذرهم نقَمه ، فما آمن معه إلا قليل . ولهذا أغرقهم الله جميعا ، ولم يَبق منهم أحد ، ولم يبق على وجه الأرض من بني آدم سوى أصحاب السفينة فقط .

{ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً } أي : عبرة يعتبرون بها ، كما قال تعالى : { إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ * لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [ الحاقة : 11 - 12 ] . أي : وأبقينا لكم من السفن ما تركبون في لُجَج البحار ، لتذكروا نعمة الله عليكم في إنجائكم من الغرق ، وجَعْلكم من ذرّية مَن آمن به وصَدّق أمره .


[21522]:- في ف ، أ : "خالفهم".

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَقُلۡنَا ٱذۡهَبَآ إِلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا فَدَمَّرۡنَٰهُمۡ تَدۡمِيرٗا} (36)

{ فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا } يعني فرعون وقومه . { بآياتنا فدمرناهم تدميرا } أي فذهبنا إليهم فكذبوهما فدمرناهم ، فاقتصر على حاشيتي القصة اكتفاء بما هو المقصود منها وهو إلزام الحجة ببعثة الرسل واستحقا التدمير بتكذيبهم والتعقيب باعتبار الحكم لا الوقوع ، وقرىء " فدمرتهم " فدمراهم فدمرانهم " على التأكيد بالنون الثقيلة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَقُلۡنَا ٱذۡهَبَآ إِلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا فَدَمَّرۡنَٰهُمۡ تَدۡمِيرٗا} (36)

و { القوم الذين كذبوا } هم فرعون وملؤه من القبط ، ثم حذف من الكلام كثير دل عليه ما بقي ، وتقدير المحذوف فأديا الرسالة فكذبوهما فدمرناهم . وقرأ علي بن أبي طالب ومسلمة بن محارب «فدمرانهم » أي كونا سبب ذلك ، قال أبو الفتح ألحق نون التوكيد ألف التثنية كما تقول اضربان زيداً .

قال الفقيه الإمام القاضي : وروي عن علي رضي الله عنه «فدمراهم » ، وحكى عنهم أبو عمرو الداني «فدمِرناهم » بكسر الميم خفيفة ، قال وروي عنه «فدمروا بهم » على الأمر لجماعة وزيادة باء ، والذي فسر أبو الفتح وهم وإنما القراءة «فدمرا بهم » بالباء ، وكذلك المهدوي .