ومع ذلك فقد أبوا إلا تنطعاً ، واستقصاء في السؤال ، فأخذوا يسألون عن لونها بعد أن عرفوا سنها ، فقالوا كما حكى القرآن عنهم :
{ قَالُواْ ادع لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ الناظرين } .
والمعنى : قال بنو إسرائيل لنبيهم ، مشددين على أنفسهم بعد أن عرفوا صفة البقرة من جهة سنها : سل لنا ربك يبين لنا ما لونها ، لكي يسهل علينا الحصول عليها ، فأجابهم بقوله : إنه - تعالى - يقول إن البقرة التي أمرتكم بذبحها صفراء فاقع لونها ، تعجب في هيئتها ومنظرها وحسن شكلها الناظرين إليها . .
قال ابن جرير : " والفقوع في الصفرة نظير النصوع في البياض ، وهو شدته وصفاؤه " .
وقال صاحب الكشاف : " الفقوع أشد ما يكون مع الصفرة ، وأنصعه يقال في التوكيد أصفر فاقع ووارس ، كما يقال : أسود حالك ، . . ثم قال فإن قلت : فهلا قيل : صفراء فاقعة ، وأي فائدة في ذكر اللون ؟ قلت : الفائدة فيه التوكيد ، لأن اللون اسم للهيئة وهي الصفرة ، فكأنه قيل : شديد صفرتها فهو من قولك : جد جده " .
وقال ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس : من لبس نعلا صفراء لم يزل في سرور ما دام لابسها ، وذلك قوله{[1980]} تعالى : { صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ } وكذا قال مجاهد ، ووهب بن منبه أنها كانت صفراء .
وعن ابن عمر : كانت صفراء الظلف . وعن سعيد بن جبير : كانت صفراء القرن والظلف .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا نصر بن علي ، حدثنا نوح بن قيس ، أنبأنا أبو رجاء ، عن الحسن في قوله : { بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا } قال : سوداء شديدة السواد .
وهذا غريب ، والصحيح الأول ، ولهذا أكد صفرتها بأنه { فَاقِعٌ لَوْنُهَا }
وقال عطية العوفي : { فَاقِعٌ لَوْنُهَا } تكاد تسود من صفرتها .
وقال سعيد بن جبير : { فَاقِعٌ لَوْنُهَا } قال : صافية اللون . وروى عن أبي العالية ، والربيع بن أنس ، والسدي ، والحسن ، وقتادة نحوه .
وقال شريك ، عن مَغْراء{[1981]} عن ابن عمر : { فَاقِعٌ لَوْنُهَا } قال : صاف{[1982]} .
وقال العوفي في تفسيره ، عن ابن عباس : { فَاقِعٌ لَوْنُهَا } شديدة الصفرة ، تكاد من صفرتها تبيض .
وقال السدي : { تَسُرُّ النَّاظِرِينَ } أي : تعجب الناظرين{[1983]} وكذا قال أبو العالية ، وقتادة ، والربيع بن أنس .
[ وفي التوراة : أنها كانت حمراء ، فلعل هذا خطأ في التعريب أو كما قال الأول : إنها كانت شديدة الصفرة تضرب إلى حمرة وسواد ، والله أعلم ]{[1984]} .
وقال وهب بن منبه : إذا نظرت إلى جلدها يخيل إليك أن شعاع الشمس يخرج من جلدها .
{ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها } الفقوع نصوع الصفرة ولذلك تؤكد به ، فيقال : أصفر فاقع كما يقال أسود حالك ، وفي إسناده إلى اللون وهو صفة صفراء لملابسته بها فضل تأكيد كأنه قيل ؛ صفراء شديدة الصفرة صفرتها ، وعن الحسن سوداء شديدة السواد ، وبه فسر قوله تعالى : { جمالات صفر } . قال الأعشى :
تلك خيلي منه وتلك ركابي *** هن صفر أولادها كالزبيب
ولعله عبر بالصفرة عن السواد لأنها من مقدماته ، أو لأن سواد الإبل تعلوه صفرة وفيه نظر ، لأن الصفرة بهذا المعنى لا تؤكد بالفقوع { تسر الناظرين } أي تعجبهم ، والسرور أصله لذة في القلب عند حصول نفع أو توقعه من السر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.