ثم حكى القرآن ما رد به الحواريون على عيسى فقال : { قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشاهدين } .
أي : قال الحواريون لعيسى إننا نريد نزول هذه المائدة علينا من السماء لأسباب :
أولها : إننا نرغب في الأكل منها لننال البركة ، ولأننا في حاجة إلى الطعام بعد أن ضيق علينا أعداؤك وأعداؤنا الذين لم يؤمنوا برسالتك .
وثانيها : أننا نرغب في نزولها لكي تزداد قلوبنا اطمئنانا إلى أنك صادق فيما تبلغه عن ربك ، فإن انضمام علم المشاهدة إلى العلم الاستدلالي ، مما يؤدي إلى رسوخ الإِيمان ، وقوة اليقين .
وثالثها : أننا نرغب في نزولها لكي نعلم أن قد صدقتنا في دعوة النبوة ، وفي جميع ما تخبرنا به من مأمورات ومنهيات ، لأن نزولها من السماء يجعلها تخالف ما جئتنا به من معجزات أرضية ، وفي ذلك ما فيه من الدلالة على صدقك في نبوتك .
ورابع هذه الأسباب : أننا نرغب في نزولها لكي نكون من الشاهدين على هذه المعجزة عند الذين لم يحضروهاه من بني إسرائيل ، ليزداد الذين آمنوا منهم إيماناً ، ويؤمن الذي عنده استعداد للإِيمان .
وبذلك نرى أن الحواريين قد بينوا لعيسى - كما حكى القرآن عنهم - أنهم لا يريدون نزول المائدة من السماء لأنهم يشكون في قدرة الله ، أو في نبوة عيسى أو أن مقصدهم من هذا الطلب التعنت .
وإنما هم يريدون نزولها لتلك الأسباب السابقة التي يبغون من ورائها الأكل وزيادة الإِيمان واليقين والشهادة أمام الذين لم يحضروا نزولها بكمال قدرة الله وصدق عيسى في نبوته .
{ قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا } أي : نحن محتاجون إلى الأكل منها { وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا } إذا شاهدنا نزولها رزقًا لنا من السماء { وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا } أي : ونزداد إيمانًا بك وعلمًا برسالتك ، { وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ } أي : ونشهد أنها آية من عند الله ، ودلالة وحجة على نبوتك وصدق ما جئت به .
{ قالوا نريد أن نأكل منها } تمهيد عذر وبيان لما دعاهم إلى السؤال وهو أن يتمتعوا بالأكل منها . { وتطمئن قلوبنا } بانضمام علم المشاهدة إلى علم الاستدلال بكمال قدرته سبحانه وتعالى . { ونعلم أن قد صدقتنا } في ادعاء النبوة ، أو أن الله يجيب دعوتنا . { ونكون عليها من الشاهدين } إذا استشهدتنا أو من الشاهدين للعين دون السامعين للخبر .
{ قال عيسى ابن مريم } لما رأى أن لهم غرضا صحيحا في ذلك ، أو أنهم لا يقلعون عنه فأراد إلزامهم الحجة بكمالها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.