التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ خُذۡهَا وَلَا تَخَفۡۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا ٱلۡأُولَىٰ} (21)

{ قَالَ خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ } أى : خذ هذه الحية التى تحولت عصاك إليها ولا تخف منها ، كما هو شأن فى الطبائع البشرية ، فإنا { سَنُعِيدُهَا سِيَرتَهَا الأولى } أى : سنعيد هذه الحية إلى هيئتها الأولى التى كانت عليها قبل أن تصير حية تسعى ، وهى أن نعيدها بقدرتنا التى لا بعجزها شىء إلى عصا كما كانت من قبل .

فالجملة الكريمة مسوقة لتعليل وجوب الامتثال للأمر وعدم الخوف ، أى : خذها ولا تخف منها ، فإن هذه الحية سنرجعها عصا كما كانت من قبل .

وقوله - تعالى - { سِيَرتَهَا } فِعلة من السَّير ، وهى الحالة والهيئة التى يكون عليها الإنسان ، وهو منصوب بنزع الخافض .

أى : سنعيدها إلى هيئتها وحالتها الأولى .

قالوا : ومن الحكم التى من أجلها حول الله - تعالى - العصا إلى حية تسعى : توطين قلب موسى - عليه السلام - على ذلك ، حتى لا يضطرب إذا ما تحولت إلى ثعبان عظيم عندما يلقيها أمام فرعون وقومه .

فقد جرت عادة الإنسان أن يقل اضطرابه من الشىء العجيب الغريب بعد رؤيته له لأول مرة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ خُذۡهَا وَلَا تَخَفۡۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا ٱلۡأُولَىٰ} (21)

فقال : { خُذْهَا } بيمينك { وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأولَى } وعلى موسى حينئذ مِدْرَعة من صوف ، فدخلها بخلال من عيدان ، فلما أمره بأخذها أدلى طرف المدرعة على يده ، فقال له ملك{[19245]} أرأيت يا موسى ، لو أذن الله بما تحاذر أكانت المدرعة تغني عنك شيئًا ؟ قال : لا ولكني ضعيف ، ومن ضَعْف خلقت . فكشف عن يده ثم وضعها على فم الحية ، حتى سمع حسّ الأضراس والأنياب ، ثم قَبض فإذا هي عصاه التي عهدها ، وإذا يده في موضعها الذي كان يضعها إذا توكأ بين الشعبتين ؛ ولهذا قال تعالى : { سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأولَى } أي : إلى حالها{[19246]} التي تعرف قبل ذلك .


[19245]:في ف: "مالك".
[19246]:في ف: "حالتها".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ خُذۡهَا وَلَا تَخَفۡۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا ٱلۡأُولَىٰ} (21)

وقوله : " قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ " يقول تعالى ذكره قال الله لموسى : خذ الحية ، والهاء والألف من ذكر الحية . وَلا تَخَفْ يقول : ولا تخف من هذه الحية سَنُعِيدُها سِيرَتها الأُولى ، يقول : فإنا سنعيدها لهيئتها الأولى التي كانت عليها قبل أن نصيّرها حية ، ونردّها عصا كما كانت . يقال لكل من كان على أمر فتركه ، وتحوّل عنه ثم راجعه : عاد فلان سيرته الأولى ، وعاد لسيرته الأولى ، وعاد إلى سيرته الأولى . وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله " سِيرَتها الأُولى " يقول : حالتها الأولى .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " سِيرَتها الأُولى " قال : هيئتها .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن وهب بن منبه " سَنُعِيدُها سِيرَتها الأُولى " أي سنردّها عصا كما كانت .

حدثنا بِشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة " سَنُعِيدُها سِيرَتها الأُولى " قال : إلى هيئتها الأولى .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ خُذۡهَا وَلَا تَخَفۡۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا ٱلۡأُولَىٰ} (21)

فقال الله تعالى له : { خذها ولا تخف } وذلك أنه أوجس في نفسه خفية أي لحقه ما يلحق بالبشر ، وروي أن موسى تناولها بكمي جبته فنهي عن ذلك ، فأخذها بيده فصارت عصا كما كانت أول مرة وهي { سيرتها الأولى } .