التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقَضَيۡنَآ إِلَيۡهِ ذَٰلِكَ ٱلۡأَمۡرَ أَنَّ دَابِرَ هَـٰٓؤُلَآءِ مَقۡطُوعٞ مُّصۡبِحِينَ} (66)

وقوله - سبحانه - { وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ الأمر أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ } بيان لجانب آخر من جوانب الرعاية والتكريم للوط - عليه السلام - .

وعدى { قضينا } بإلى ، لتضمنه معنى أوحينا .

والمراد بذلك الأمر : إهلاك الكافرين من قوم لوط - عليه السلام - .

وجملة { أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ } مفسرة ومبينة لذلك الأمر .

وعبر عن عذابهم وإهلاكهم بالإِبهام أولاً . ثم بالتفسير والتوضيح ثانيًا ، للإِشعار بأنه عذاب هائل شديد .

ودابرهم : أى آخرهم الذي يدبرهم . يقال : فلان دبر القوم يدبرهم دبورا إذا كان آخرهم في المجئ . والمراد أنهم استؤصلوا بالعذاب استئصالا .

وقوله { مصبحين } أى : داخلين في الصباح ، مأخوذ من أصبح التامة ، وصيغة أفعل تأتى للدخول في الشئ ، نحو أنجد وأتهم ، أى دخل في بلاد نجد وفى بلاد تهامة ، وهو حال من اسم الإِشارة هؤلاء ، والعامل فيه معنى الإِضافة .

والمعنى : وقضينا الأمر بإبادتهم ، وأوحينا إلى نبينا لوط - عليه السلام - أن آخر هؤلاء المجرمين مقطوع ومستأصل ومهلك مع دخول وقت الصباح .

وفى هذا التعبير ما فيه من الدلالة على أن العذاب سيمحقهم جميعًا ، بحيث لا يبقى منهم أحدًا ، لا من كبيرهم ولا من صغيرهم ، ولا من أولهم ولا من آخرهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَضَيۡنَآ إِلَيۡهِ ذَٰلِكَ ٱلۡأَمۡرَ أَنَّ دَابِرَ هَـٰٓؤُلَآءِ مَقۡطُوعٞ مُّصۡبِحِينَ} (66)

49

وكان الموعد هو الصبح والصبح قريب :

( وقضينا إليك ذلك الأمر : أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين ) . .

وأطلعناه على ذلك الأمر الخطير : أن آخر هؤلاء القوم - وهو دابرهم - مقطوع في الصباح . وإذا انقطع آخرهم فقد انقطع أولهم ؛ والتعبير على هذا النحو يصور النهاية الشاملة التي لا تبقي أحدا . فلا بد من الحرص واليقظة كي لا يتخلف أحد ولا يتلفت ، فيصيبه ما يصيب أهل المدينة المتخلفين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَضَيۡنَآ إِلَيۡهِ ذَٰلِكَ ٱلۡأَمۡرَ أَنَّ دَابِرَ هَـٰٓؤُلَآءِ مَقۡطُوعٞ مُّصۡبِحِينَ} (66)

المعنى { وقضينا ذلك الأمر } أي أمضيناه وختمنا به ، ثم أدخل في الكلام { إليه } من حيث أوحى ذلك إليه وأعلمه الله به فجلب هذا المعنى بإيجاز وحذف ما يدل الظاهر عليه و { أن } في موضع نصب ، قال الأخفش : هي بدل من { ذلك } ، وقال الفراء : بل التقدير «بأن دابر » فحذف حرف الجر{[7202]} ، والأول أصوب ، و «الدابر » الذي يأتي آخر القوم أي في أدبارهم ، وإذا قطع ذلك وأتى عليه فقد أتى العذاب من أولهم إلى آخرهم ، وهذه ألفاظ دالة على الاستئصال والهلاك التام ، يقال قطع الله دابره واستأصل شأفته وأسكت نأمته بمعنى .

وقرأ الأعمش «إن دابر » بكسر الهمزة وروي أن في قراءة عبد الله «وقضينا إليه ذلك الأمر وقلنا إن دابر هؤلاء مقطوع » .

و { مصبحين } معناه إذا أصبحوا ودخلوا في الصباح .


[7202]:عبارة الفراء تشير إلى احتمالين حيث قال في "معاني القرآن": "أن مفتوحة على أن ترد على الأمر، فتكون في موضع نصب بوقوع القضاء عليها، و تكون نصبا آخر بسقوط الخافض منها، أي: قضينا ذلك الأمر بهذا، وهي في قراءة عبد الله "وقلنا إن دابر"، فعلى هذا لو قرىء بالكسر لكان و جها"، ولو رجعت إلى الطبري لوجدت هذا الكلام بنصه فيه.