التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ كَلَّاۖ فَٱذۡهَبَا بِـَٔايَٰتِنَآۖ إِنَّا مَعَكُم مُّسۡتَمِعُونَ} (15)

وقد رد الله - تعالى - على نبيه موسى - عليه السلام - ردا حاسما لإزالة الخوف ، ومزهقا لكل ما يحتمل أى يساور نفسه من عدوان عليه ، فقال - تعالى - : { قَالَ كَلاَّ فاذهبا بِآيَاتِنَآ إِنَّا مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُونَ } .

أى : قال الله - تعالى - لموسى على سبيل الإرشاد والتعليم : كلا ، لا تخف أن يكذبوك أو أن يضيق صدرك ، أو أن لا ينطلق لسانك ، أو أن يقتلوك ، كلا لا تخف من شىء من ذلك ، فأنا معكما برعايتى ومادام الأمر كذلك فاذهب أنت وأخوك بآياتنا الدالة على وحدانيتنا فإننا معكم سامعون لما تقولانه لهم ولما سيقولونه لكما .

وعبر - سبحانه - بكلا المفيدة للزجر ، لزيادة إدخال الطمأنينة على قلب موسى - عليه السلام - .

والمراد بالآيات هنا : المعجزات التى أعطاها - سبحانه - لموسى وعلى رأسها العصا . . .

وقال - سبحانه - { إِنَّا مَعَكُمْ } مع أنهما اثنان ، تعظيما لشأنهما أو لكون الاثنين أقل الجمع . أو المراد هما ومن أرسلا إليه .

والتعبير بقوله { إِنَّا مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُونَ } بصيغة التأكيد والمعية والاستماع ، فيه ما فيه من العناية بشأنهما ، والرعاية لهما ، والتأييد لأمرهما .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ كَلَّاۖ فَٱذۡهَبَا بِـَٔايَٰتِنَآۖ إِنَّا مَعَكُم مُّسۡتَمِعُونَ} (15)

10

ولما علمه ربه من حرصه هذا وإشفاقه واحتياطه أجابه إلى ما سأل ، وطمأنه مما يخاف . والتعبير هنا يختصر مرحلة الاستجابة ، ومرحلة الإرسال إلى هارون ، ومرحلة وصول موسى إلى مصر ولقائه لهارون ؛ ويبرز مشهد موسى وهارون مجتمعين يتلقيان أمر ربهما الكريم ، في نفس اللحظة التي يطمئن الله فيها موسى ، وينفي مخاوفه نفيا شديدا ، في لفظه تستخدم أصلا للردع وهي كلمة( كلا ) !

( قال : كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون . فأتيا فرعون فقولا : إنا رسول رب العالمين . أن أرسل معنا بني إسرائيل ) .

كلا . لن يضيق صدرك ويحتبس لسانك . وكلا لن يقتلوك . فأبعد هذا كله عن بالك بشدة . واذهب أنت وأخوك . ( فاذهبا بآياتنا )وقد شهد موسى منها العصا واليد البيضاء - والسياق يختصرهما هنا لأن التركيز في هذه السورة موجه إلى موقف المواجهة وموقف السحرة وموقف الغرق والنجاة . اذهبا ( إنا معكم مستمعون )فأية قوة ? وأي سلطان ? وأي حماية ورعاية وأمان ? والله معهما ومع كل إنسان في كل لحظة وفي كل مكان . ولكن الصحبة المقصودة هنا هي صحبة النصر والتأييد . فهو يرسمها في صورة الاستماع ، الذي هو أشد درجات الحضور والانتباه . وهذا كناية عن دقة الرعاية وحضور المعونة . وذلك على طريقة القرآن في التعبير بالتصوير .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ كَلَّاۖ فَٱذۡهَبَا بِـَٔايَٰتِنَآۖ إِنَّا مَعَكُم مُّسۡتَمِعُونَ} (15)

وقوله : { قال كلا فاذهبا بآياتنا } إجابة له إلى الطلبتين بوعده بدفع بلائهم اللازم ردعه عن الخوف وضم أخيه إليه في الإرسال ، والخطاب في { فاذهبا } على تغليب الحاضر لأنه معطوف على الفعل الذي يدل عليه { كلا } كأنه قيل : ارتدع يا موسى عما تظن فاذهب أنت والذي طلبته . { إنما معكم } يعني موسى وهارون وفرعون . { مستمعون } سامعون لما يجري بينكما وبينه فأظهركما عليه ، مثل نفسه تعالى بمن حضر مجادلة قوم استماعا لما يجري بينهم وترقبا لإمداد أوليائه منهم ، مبالغة في الوعد بالإعانة ، ولذلك تجوز بالاستماع الذي هو بمعنى الإصغاء للسمع الذي هو مطلق إدراك الحروف والأصوات ، وهو خبر ثان أو الخبر وحده { ومعكم } لغو .