ثم رخص - سبحانه - للمؤمنين بأن يقاتلوا فى سبيله فقال : { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ . . . } .
وقوله - تعالى - { أُذِنَ } فعل ماض مبنى للمجهول مأخوذ من الإذن بمعنى الإباحة والرخصة . والمقصود إباحة مشروعية القتال ، وقد قالوا : بأن هذه الآيات أول ما نزل في شأن مشروعية القتال .
أخرج الإمام أحمد والترمذى عن ابن عباس قال : لما خرج النبى - صلى الله عليه وسلم - من مكة قال أبو بكر : أخرجوا نبيهم ليهلكن ، فنزلت هذه الآيات .
وقرأ ابن كثير وابن عامر وحمزة والكسائي { أُذِنَ } بالبناء الفاعل . والمأذون لهم فيه هو القتال ، وهو محذوف فى قوة المذكور بدليل قوله { يُقَاتَلُونَ } والباء فى قوله { بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ } للسببية .
أى : أذن الله - تعالى - للمؤمنين ، ورخص لهم ، بأن يقاتلوا أعداءهم الذين ظلموهم ، وآذوهم ، واعتدوا عليه ، بعد أن صبر هؤلاء المؤمنون على أذى أعدائهم صبرا طويلا .
قال الآلوسى : والمراد بالموصول أصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم - الذين فى مكة ، فقد نقل الواحدى وغيره ، أن المشركين كانوا يؤذونهم ، وكانوا يأتون النبى - صلى الله عليه وسلم - بين مضروب ومشجوج ويتظلمون إليه فيقو لهم : اصبروا فإنى لم أومر بالقتال حتى هاجر - صلى الله عليه وسلم - فنزلت هذه الآية ، وهى أول آية نزلت فى القتال بعد ما نهى عنه فى نيف وسبعين آية .
وقوله - تعالى - : { وَإِنَّ الله على نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } وعد منه - سبحانه - للمؤمنين بالنصر وحض لهم على الإقدام على الجهاد فى سبيله بدون تردد أو وهن .
أى : وإن الله - تعالى - لقادر على أن ينصر عباده المؤمنين . وعلى أن يمكن لهم فى الأرض ، وعلى أن يجعلهم الوارثين لأعدائهم الكافرين .
قال الإمام ابن كثير ما ملخصه : قوله : { وَإِنَّ الله على نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } أى : هو قادر على نصر عباده المؤمنين من غير قتال ، ولكنه يريد من عباده أن يبلوا جهدهم فى طاعته ، كما قال - تعالى - : { فَإِذَا لَقِيتُمُ الذين كَفَرُواْ فَضَرْبَ الرقاب حتى إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ الوثاق فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً حتى تَضَعَ الحرب أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ ولكن لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ } وإنما شرع - سبحانه - الجهاد فى الوقت الأليق به ، لأنهم لما كانوا بمكة ، كان المشركون أكثر عددا . فلو أمر المسملون بالقتال لشق ذلك عليهم . . .
فلما استقروا بالمدينة . وصارت لهم دار إسلام ، ومعقلا يلجأون إليه شرع الله جهاد الأعداء ، فكانت هذه الآية أول ما نزل فى ذلك . . .
قال العَوفي ، عن ابن عباس : نزلت في محمد وأصحابه حين أخرجوا من مكة .
وقال غير واحد من السلف{[20300]} هذه أول آية نزلت في الجهاد ، واستدل بهذه الآية بعضهم على أن السورة مدنية ، وقاله مجاهد ، والضحاك ، وقتادة ، وغير واحد .
وقال ابن جرير : حدثني يحيى بن داود الواسطي : حدثنا إسحاق بن يوسف ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن مسلم - هو البَطِين - عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس قال : لما أخرج{[20301]} النبي صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر : أخرجوا نبيهم . إنا لله وإنا إليه راجعون ، ليهلكُن . قال ابن عباس : فأنزل الله عز وجل : { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } ، قال أبو بكر ، رضي الله تعالى عنه : فعرفت أنه سيكون قتال .
ورواه الإمام أحمد ، عن إسحاق بن يوسف الأزرق ، به{[20302]} وزاد : قال ابن عباس : وهي أول آية نزلت في القتال .
ورواه الترمذي ، والنسائي في التفسير من سننيهما ، وابن أبي حاتم{[20303]} من حديث إسحاق بن يوسف - زاد الترمذي : ووَكِيع ، كلاهما عن سفيان الثوري ، به . وقال الترمذي : حديث حسن ، وقد رواه غير واحد ، عن الثوري ، وليس فيه ابن عباس{[20304]} .
وقوله : { وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } أي : هو قادر على نصر عباده المؤمنين من غير قتال ، ولكن هو يريد من عباده أن يبلوا{[20305]} جهدهم في طاعته ، كما قال : { فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ . سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ } [ محمد : 4 - 6 ] ، وقال تعالى : { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ{[20306]} وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ . وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [ التوبة : 14 ، 15 ] ، وقال : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [ التوبة : 16 ] ، { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ [ اللَّهُ ] {[20307]} الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ } [ آل عمران : 142 ] ، وقال : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ } [ محمد : 31 ] .
والآيات في هذا كثيرة ؛ ولهذا قال ابن عباس في قوله : { وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } وقد فعل .
وإنما شرع [ الله ]{[20308]} تعالى الجهاد في الوقت الأليق به ؛ لأنهم لما كانوا بمكة كان المشركون أكثر عددًا ، فلو أمرَ المسلمين ، وهم أقل من العشر ، بقتال الباقين{[20309]} لشَقَّ عليهم ؛ ولهذا لما بايع أهلُ يثرب ليلة العقبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانوا نيفا وثمانين ، قالوا : يا رسول الله ، ألا نميل على أهل الوادي - يعنون أهل مِنَى - ليالي مِنى فنقتلهم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إني لم أومر بهذا " . فلما بَغَى المشركون ، وأخرجوا النبي صلى الله عليه وسلم من بين أظهرهم ، وهموا بقتله ، وشردوا أصحابه شَذرَ مَذَر ، فذهب{[20310]} منهم طائفة إلى الحبشة ، وآخرون إلى المدينة . فلما استقروا بالمدينة ، ووافاهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، واجتمعوا عليه ، وقاموا بنصره وصارت لهم دار إسلام ومَعْقلا يلجؤون إليه - شرع الله جهاد الأعداء ، فكانت هذه الآية أول ما نزل في ذلك ، فقال تعالى : { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } .
{ أذن } رخص ، وقرأ ابن كثير وابن عامر وحمزة والكسائي على البناء للفاعل وهو الله . { للذين يقاتلون } المشركين والمأذون فيه محذوف لدلالته عليه ، وقرأ نافع وابن عامر وحفص بفتح التاء أي الذين يقاتلهم المشركون . { بأنهم ظلموا } بسبب أنهم ظلموا وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان المشركون يؤذونهم وكانوا يأتونه من بين مضروب ومشجوج يتظلمون إليه فيقول لهم : اصبروا فإني لم أومر بالقتال حتى هاجر فأنزلت . وهي أول آية نزلت في القتال بعدما نهي عنه في نيف وسبعين آية . { وإن الله على نصرهم لقدير } وعد لهم بالنصر كما وعد بدفع أذى الكفار عنهم .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
فلما قدموا المدينة أذن الله، عز وجل للمؤمنين في القتال بعد النهي بمكة، فقال سبحانه: {أذن للذين يقاتلون} في سبيل الله {بأنهم ظلموا} ظلمهم كفار مكة {وإن الله على نصرهم لقدير}، فنصرهم الله تعالى على كفار مكة بعد النهي.
فأذن لهم بأحد الجهادين: بالهجرة قبل أن يؤذن لهم بأن يبتدئوا مشركا بقتال، ثم أذن لهم بأن يبتدئوا المشركين بقتال، قال الله تعالى: {أذِنَ لِلذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اَللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ اِلذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ} الآية، وأباح لهم القتال...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: أَذن الله للمؤمنين الذين يقاتلون المشركين في سبيله بأن المشركين ظلموهم بقتالهم.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة:"أُذِنَ" بضم الألف، "يُقاتَلُونَ "بفتح التاء بترك تسمية الفاعل في «أُذِنَ» و«يُقاتَلُون» جميعا. وقرأ ذلك بعض الكوفيين وعامة قرّاء البصرة: أُذِنَ بترك تسمية الفاعل، و«يُقاتِلُونَ» بكسر التاء، بمعنى يقاتل المأذون لهم في القتال المشركين. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفيين وبعض المكيين: «أَذِنَ» بفتح الألف، بمعنى: أذن الله، و«يُقاتِلُونَ» بكسر التاء، بمعنى: إن الذين أذن الله لهم بالقتال يقاتلون المشركين. وهذه القراءات الثلاث متقاربات المعنى، لأن الذين قرأوا "أُذِنَ" على وجه ما لم يسمّ فاعله يرجع معناه في التأويل إلى معنى قراءة من قرأه على وجه ما سمي فاعله. وإن من قرأ "يُقاتِلونَ" و"يُقاتَلُونَ" بالكسر أو الفتح، فقريب معنى أحدهما من معنى الآخر، وذلك أن من قاتل إنسانا فالذي قاتله له مقاتل، وكل واحد منهما مقاتل. فإذ كان ذلك كذلك فبأية هذه القراءات قرأ القاريء فمصيب الصواب.
غير أن أحبّ ذلك إليّ أن أقرأ به: «أَذِنَ» بفتح الألف، بمعنى: أذن الله، لقرب ذلك من قوله: "إنّ اللّهَ لا يُحِبّ كُلّ خَوّانٍ كَفُورٍ" أذن الله في الذين لا يحبهم للذين يقاتلونهم بقتالهم، فيردّ «أَذنَ» على قوله: "إنّ اللّهَ لا يُحِبّ"، وكذلك أحبّ القراءات إليّ في «يُقاتِلُونَ» كسر التاء، بمعنى: الذين يقاتلون من قد أخبر الله عنهم أنه لا يحبهم، فيكون الكلام متصلاً معنى بعضه ببعض...
عن ابن عباس، قوله: "أُذِنَ للّذِينَ يُقاتلُونَ بأنّهُمْ ظُلِمُوا وَإنّ اللّهَ عَلى نَصْرِهمْ لَقَدِيرٌ" يعني محمدا وأصحابه إذا أُخرجوا من مكة إلى المدينة يقول الله: فإنّ اللّهَ عَلى نَصْرِهمْ لَقَدِيرٌ، وقد فعل...
وقد كان بعضهم يزعم أَن الله إنما قال: أذن للذين يقاتلون بالقتال من أجل أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانوا استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل الكفار إذَا آذوهم واشتدّوا عليهم بمكة قبل الهجرة غيلة سرّا فأنزل الله في ذلك: "إنّ اللّهَ لا يُحِبّ كُلّ خَوّانٍ كَفُورٍ"، فَلَمّا هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، أطلق لهم قتلهم وقتالهم، فقال: "أُذِنَ للّذِينَ يُقاتَلُونَ بأنّهُمْ ظُلِمُوا"...
وقوله: "وَإنّ اللّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ" يقول جلّ ثناؤه: وإن الله على نصر المؤمنين الذين يقاتلون في سبيل الله لقادر، وقد نصرهم فأعزّهم ورفعهم وأهلك عدوّهم وأذلهم بأيديهم.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
ومعنى "بأنهم ظلموا "أي من أجل أنهم ظلموا. ثم أخبر أنه "على نصرهم لقدير" ومعناه أنه سينصرهم.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{أَذِنَ} و {يقاتلون} قرئا على لفظ المبني للفاعل والمفعول جميعاً: والمعنى: أذن لهم في القتال، فحذف المأذون فيه لدلالة يقاتلون عليه {بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ} أي بسبب كونهم مظلومين وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان مشركو مكة يؤذونهم أذى شديداً، وكانوا يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين مضروب ومشجوج يتظلمون إليه، فيقول لهم:"اصبروا فإني لم أومر بالقتال"، حتى هاجر فأنزلت هذه الآية، وهي أول آية أذن فيها بالقتال بعد ما نهى عنه في نيف وسبعين آية. وقيل: نزلت في قوم خرجوا مهاجرين فاعترضهم مشركو مكة فأذن لهم في مقاتلتهم.
أحكام القرآن لابن العربي 543 هـ :
مَعْنَى {أُذِنَ} أُبِيحَ، فَإِنَّهُ لَفْظٌ مَوْضُوعٌ فِي اللُّغَةِ لِإِبَاحَةِ كُلِّ مَمْنُوعٍ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِبَاحَةَ من الشَّرْعِ، وَأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ قَبْلَ الشَّرْعِ، لَا إبَاحَةً وَلَا حَظْرًا إلَّا مَا حَكَمَ بِهِ الشَّرْعُ، وَبَيَّنَهُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمَّا بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُجَّةِ دَعَا قَوْمَهُ إلَى اللَّهِ دُعَاءً دَائِمًا عَشَرَةَ أَعْوَامٍ، لِإِقَامَةِ حُجَّةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَوَفَاءً بِوَعْدِهِ الَّذِي امْتَنَّ بِهِ بِفَضْلِهِ فِي قَوْلِهِ: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}، وَاسْتَمَرَّ النَّاسُ فِي الطُّغْيَانِ، وَمَا اسْتَدَلُّوا بِوَاضِحِ الْبُرْهَانِ، وَحِينَ أَعْذَرَ اللَّهُ بِذَلِكَ إلَى الْخَلْقِ، وَأَبَوْا عَنْ الصِّدْقِ أَمَرَ رَسُولَهُ بِالْقِتَالِ، لِيَسْتَخْرِجَ الْإِقْرَارَ بِالْحَقِّ مِنْهُمْ بِالسَّيْفِ.
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
{وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} أي: هو قادر على نصر عباده المؤمنين من غير قتال، ولكن هو يريد من عباده أن يبلوا جهدهم في طاعته... وإنما شرع [الله] تعالى الجهاد في الوقت الأليق به؛ لأنهم لما كانوا بمكة كان المشركون أكثر عددًا، فلو أمرَ المسلمين، وهم أقل من العشر، بقتال الباقين لشَقَّ عليهم؛ ولهذا لما بايع أهلُ يثرب ليلة العقبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا نيفا وثمانين، قالوا: يا رسول الله، ألا نميل على أهل الوادي -يعنون أهل مِنَى- ليالي مِنى فنقتلهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إني لم أومر بهذا". فلما بَغَى المشركون، وأخرجوا النبي صلى الله عليه وسلم من بين أظهرهم، وهموا بقتله، وشردوا أصحابه شَذرَ مَذَر، فذهب منهم طائفة إلى الحبشة، وآخرون إلى المدينة. فلما استقروا بالمدينة، ووافاهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، واجتمعوا عليه، وقاموا بنصره وصارت لهم دار إسلام ومَعْقلا يلجؤون إليه -شرع الله جهاد الأعداء، فكانت هذه الآية أول ما نزل في ذلك، فقال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما كان كأنه قد قيل: كيف تكون المدافعة وبمن؟ فقيل: بعباده المؤمنين، عبر عن ذلك بقوله: {أذن} وأشار بقراءة من بناه للمجهول إلى سهولة ذلك عليه سبحانه {للذين يقاتلون} أي للذين فيهم قوة المدافعة، في المدافعة بالقتال بعد أن كانوا يمنعون منه بمكة ويؤمرون بالصفح؛ ثم ذكر سبب الإذن فقال {بأنهم ظلموا} أي وقع ظلم الظالمين لهم بالإخراج من الديار، والأذى بغير حق. ولما كان التقدير: فأن الله أراد إظهار دينه بهم، عطف عليه قوله: {وإن الله} أي الذي هو الملك الأعلى، وكل شيء في قبضته، ويجوز عطفه على قوله {إن الله يدفع} أي بإذنه لهم في القتال وأنه {على نصرهم} وأبلغ في التأكيد لا ستبعاد النصرة إذ ذاك بالكفار من الكثرة والقوة، وللمؤمنين من الضعف والقلة، فقال: {لقدير}
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :
{وَإِنَّ الله على نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} وعدٌ لهم بالنَّصرِ وتأكيدٌ لما مرَّ من العدةِ الكريمةِ بالدَّفعِ، وتصريحٌ بأنَّ المرادَ به ليسَ مجرَّدَ تخليصهم من أيدي المشركين بلْ تغليبهم وإظهارَهم عليهم. والإخبارُ بقُدرتهِ تعالى على نصرِهم واردٌ على سَننِ الكبرياءِ وتأكيدُه بكلمة التَّحقيقِ واللاَّمِ لمزيد تحقيقِ مضمونِه وزيادةِ توطينِ نفوسِ المؤمنينَ...
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ} يفهم منه أنهم كانوا قبل ممنوعين، فأذن الله لهم بقتال الذين يقاتلون، وإنما أذن لهم، لأنهم ظلموا، بمنعهم من دينهم، وأذيتهم عليه، وإخراجهم من ديارهم...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وأنه حكم لهم بأحقية دفاعهم وسلامة موقفهم من الناحية الأدبية فهم مظلومون غير معتدين ولا متبطرين: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا).. وأن لهم أن يطمئنوا إلى حماية الله لهم ونصره إياهم: (وإن الله على نصرهم لقدير)...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
جملة وقعت بدل اشتمال من جملة: {إن الله يدافع} لأن دفاع الله عن الناس يكون تارة بالإذن لهم بمقاتلة من أراد الله مدافعتهم عنهم فإنه إذا أذن لهم بمقاتلتهم كان متكفلاً لهم بالنصر...
والذين يقاتلون مراد بهم المؤمنون على كلتا القراءتين لأنهم إذا قوتلوا فقد قاتَلوا. والقتال مستعمل في المعنى المجازي إما بمادته، وإما بصيغة المضي.
فعلى قراءة فتح التاء فالمراد بالقتال فيه القتل المجازي، وهو الأذى. وأما على قراءة {يقاتِلون} بكسر التاء فصيغة المضي مستعملة مجازاً في التهيُّؤِ والاستعداد، أي أذن للذين تَهَيّئوا للقتال وانتظروا إذن الله.
وذلك أنّ المشركين كانوا يُؤذون المؤمنين بمكة أذى شديداً فكان المسلمون يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين مضروب ومشجوج يتظلمون إليه، فيقول لهم: اصبروا فإني لم أومَر بالقتال، فلما هاجر نزلت هذه الآية بعد بيعة العقبة إذناً لهم بالتهيُّؤ للدفاع عن أنفسهم ولم يكن قتال قبل ذلك كما يؤذن به قوله تعالى عقب هذا: {الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق} [الحج: 40].
والباء في {بأنهم ظلموا} أراها متعلقة ب {أذن} لتضمينه معنى الإخبار، أي أخبرناهم بأنهم مظلومون. وهذا الإخبار كناية عن الإذن للدفاع لأنك إذا قلت لأحد: إنك مظلوم، فكأنك استعديته على ظالمه، وذكرته بوجوب الدفاع، وقرينة ذلك تعقيبه بقوله: {وإن الله على نصرهم لقدير}، ويكون قوله: {بأنهم ظلموا} نائب فاعل {أذن} على قراءة ضم الهمزة أو مفعولاً على قراءة فتح الهمزة. وذهب المفسرون إلى أن الباء سببية وأن المأذون به محذوف دل عليه قوله {يقاتلون،} أي أُذن لهم في القتال. وهذا يجري على كلتا القراءتين في قوله {يقاتلون} والتفسير الذي رأيتُه أنسبُ وأرشق.
وجملة {وإن الله على نصرهم لقدير} عطف على جملة {أذن للذين يقاتلون} أي أذن لهم بذلك وذُكروا بقدرة الله على أن ينصرهم. وهذا وعد من الله بالنصر وارد على سنن كلام العظيم المقتدر بإيراد الوعد في صورة الإخبار بأن ذلك بمحل العلم منه ونحوه، كقولهم: عسى أن يكون كذا، أو أن عندنا خيراً، أو نحو ذلك، بحيث لا يبقى للمترقب شك في الفوز بمطلوبه.
وتوكيد هذا الخبر بحرف التوكيد لتحقيقه أو تعريض بتنزيلهم منزلة المتردد في ذلك لأنهم استبطأوا النصر.
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
لم يجئ محمد صلى الله عليه وسلم للقتال، ولكن جاء للحق والدعوة إليه، ولنصرة الفضيلة، وفضيلته إيجابية وليست سلبية، ودينه إيجابي، وليس بسلبي، وما كان ليستخذى أمام الباطل، بل يقاومه، وإلا عم الفساد، ولذا قال تعالى: {...ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين 251} (البقرة)، ولقد كان المؤمنون في مكة يؤذون فيصبرون، حتى إذا كانوا في المدينة وكانت لهم قوة حامية أذن لهم في القتال دفاعا عن كيانهم ودينهم وعبر سبحانه وتعالى بالبناء للمجهول...
و {يقاتلون}، إشارة إلى أن المؤمنين لم يبتدئوا بالقتال، بل ابتدأ غيرهم عندما كانوا يؤذون المؤمنين، وهموا بقتل النبي صلى الله عليه وسلم، وأحاطوا بداره ليقتلوه، ولكن الله نجاه منهم، كما قال تعالى: {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين 30} (الأنفال). وقد علل الله تعالى الإذن بالقتال: بقوله: {بأنهم ظلموا}، أي بسبب أنهم ظلموا، وانتصار الأمة المظلومة من الظالمين لها أمر يسوغه قانون العدل وقانون الرحمة، فمن الرحمة بالإنسان وقف ظلمه، ورد بغيه عليه، وأن يدافع عن المؤمنين المظلومين كما وعد، ولذا قال سبحانه: {وإن الله على نصرهم لقدير}. أي أن الله كالئهم، وقادر وقدرته مطلقة على نصرهم إذا أخذوا في الأسباب وأعدوا للقتال عدته، وتقدموا بقلوب خاضعة لله تعالى مؤمنة به سبحانه،...
التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :
نزلت أول آية في الإذن بالقتال، بعدما استنفد الرسول والمؤمنون جميع الوسائل السلمية، ولم يبق للصبر والاحتمال أي مجال، وذلك قوله تعالى هنا: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا}... وعلل كتاب الله هذا الإذن {بأنهم ظلموا}، فقتال المسلمين إنما هو لرفع الظلم، وإزهاق الباطل، وإحقاق الحق...
{وإن الله على نصرهم لقدير} تعهد من الله على وجه التفضل والإحسان بنصر المؤمنين نصرا مؤزرا، متى خاضوا المعركة، لإعلاء كلمة الله ونصر دينه، وقد جاء هذا التعهد في صيغة تحفز على الاستماتة في سبيل الله، كلها توكيد وتأييد. ومن كانت قدرة الله توجهه وترافق خطواته، لم يستطع أي عائق كيفما كان أن يقف في طريقه أو يعطل حركاته.
ودفاع الحق سبحانه عن الحق يأخذ صورا متعددة، فأول هذا الدفاع: أن أذن لهم في أن يقاتلوا. ثانيا: أمرهم بإعداد القوة للقتال: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل.. (60)} [الأنفال]. والمراد أن يأخذوا بكل أسباب النصر على عدوهم، وأن يستنفدوا كل ما لديهم من وسائل، فإن استنفدتم وسائلكم، أتدخل أنا بجنود من عندي لا ترونها، فليس معنى أن الله يدافع عن الذين آمنوا أن تدخل السماء لحمايتهم وهم جالسون في بيوتهم، لا إنما يأخذون بأسباب القوة ويسعون ويبادرون هم أولا إلى أسباب النصر...
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
كانت المرحلة التي تلت النبوّة في مكة، مرحلة الدعوة إلى الإسلام بكل الأساليب السلمية، وقوامها الكلمة الطيبة، والأسلوب الهادىء، والابتسامة الحلوة، والقلب المفتوح، والعقل المنفتح، والصبر على التحديات، باعتبار أن نجاح الإسلام في الوصول إلى الناس في المستقبل أمر محسوم من خلال وضوح أفكاره وتشريعاته ومناهجه ووسائله وأهدافه، وهو وضوح قد يحجبه غبار التخلف والجهل والعصبيّة المتصاعد، إلا أنه لا يلبث أن ينجلي ويفرض نفسه في نهاية المطاف...
وهكذا كان رسول الله ليّناً في كلامه، رقيقاً في أسلوبه، رحيماً في قلبه، منفتحاً في عقله، لطيفاً في ابتسامته، في الوقت نفسه الذي كان فيه ثابتاً في موقفه، صلباً في رسالته، حاسماً في قراره، مصرّاً على دعوته، يتقبل التحديات بصبرٍ ووداعةٍ وانفتاحٍ وإيمانٍ، ويتحمل الشتائم والإهانات، والكلمات القاسية الموجّهة إليه من قبل المشركين، ويتابع دعوته بالحكمة والموعظة الحسنة، ويجادلهم بالتي هي أحسن، ويقودهم إلى الأخذ بالأساليب الهادئة، وبالتفكير الموضوعي العقلاني في سبيل الوصول إلى الحقائق. وكان المسلمون يتعرضون للعذاب وللاضطهاد والتعسف، فيصبرون تارةً، ويتشنجون أخرى، ويعبّرون عن انفعالهم أمام رسول الله (ص) بالكلمات الثائرة والأساليب القويّة، التي تستعجل فتح المعركة مع المشركين، ما داموا قد بدأوها بوسائلهم التعسفية الضاغطة المثيرة، ويعلنون له بأنهم قادرون على تحقيق النصر إذا ما اجتمعت كلمتهم على موقفٍ واحدٍ متحد، أو على إظهار القوّة في ساحة المواجهة، على الأقلّ، ما قد يدفع هؤلاء الذين يتعسفون في حقهم ويعملون على اضطهادهم وخنق حريتهم، إلى أن يحسبوا ألف حساب قبل قيامهم بذلك...
ولكن النبي كان يقول لهم: إني لم أؤمر بقتال، لأن المسألة مسألة رسالة تبحث عن مفتاح سحريّ تفتح فيه العيون والعقول والآذان على الحق في حركتها وفي مفاهيمها وشريعتها وغاياتها، وتريد الوصول إلى هذا الهدف من قِبَل المؤمنين بها والرافضين لها، حيث يقوم المؤمنون بالإعلان عنها، والدعاية لها، بترويج قناعاتهم الإيمانية بأنها تمثل الحق الذي لا ريب فيه، أمَّا الكافرون، فيثيرون الانتباه إليها، عبر ما يوجهونه إليها وإلى الرسول من اتهامات، أو عبر اضطهادهم للمؤمنين بها، ما يثير التساؤل في نفوس من لم يسمعوا بها، أو ينتبهوا إليها، ويحثّهم على الانفتاح على ما تطرحه من موقع التفكير والتأمّل والحوار، الأمر الذي قد يوصلهم إلى الإيمان من أقرب طريق..
وهكذا كانت الدعوة الهادئة هي السبيل لانتشار الإسلام في الجزيرة العربية، كرسالةٍ جديدة تثير الجدل، وكحدث بارز يبعث على الاهتمام، لا سيما وأنَّ الصراع يستهدف قريشاً التي تقف في موقع الزعامة الدينية والثقافية والتجارية لموقع مكة في حياة العرب، ما يجعل لبروز الرسالة فيها أهمية تفوق الأحداث العادية في مكانٍ آخر، مع أناس آخرين...
ولهذا كان النبي يأمر البعض بالصبر، ويأمر البعض الآخر بالهجرة.. للتخفّف من الضغوط القاسية التي قد لا يتحملونها، وللانفتاح بالدعوة على جماعات أخرى، كما حصل في الهجرة إلى الحبشة، أو للقيام بمهمة الإعداد للمجتمع الإسلامي الجديد، كما في الهجرة إلى يثرب...
{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ} لقد انتهت المرحلة التي كان اللجوء إلى العنف والقتال في ساحتها أمراً سلبياً، لأن ذلك كان يشكل خطراً على التخطيط لانطلاقة الدعوة في الجزيرة العربية، وللتحضير للمجتمع الإسلامي الأوّل في يثرب، فقد شكّلت يثرب أرضاً صلبة جديدة للإسلام، حيث بدأ يتحرك في نطاق واسع يملك أكثر من عمقٍ في محيطه، الأمر الذي يحميه من حالة الاهتزاز والسقوط أمام ضغط المشركين، ويجعله قادراً على فرض التحدي عليهم، أو على مواجهة تحدياتهم الكبيرة...
وهكذا لم تكتف الآية بتقرير الإذن الإلهي بالقتال، بل أضافت إليه الوعد بالنصر الحاسم وذلك في قوله تعالى: {وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} فلينطلقوا إلى القتال من موقع الشرعية والوعد الإلهي بالنصر، وليعيشوا الثبات والقوّة القادرة، بكل اندفاع واتزان...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
ولمّا وعد الله المؤمنين بالدفاع عنهم في الآية السابقة يتّضح جيداً الارتباط بين هذه الآيات.. تقول الآية: إنّ الله تعالى أذن لمن يتعرّض لقتال الأعداء وعدوانهم بالجهاد، وذلك بسبب أنّهم ظلموا: (أُذن للذين يقاتلون بأنّهم ظلموا) ثمّ أردفت بنصرة الله القادر للمؤمنين (وإنّ الله على نصرهم لقدير). إنّ وعد الله بالنصر جاء مقروناً ب «قدرة الله». وهذا قد يكون إشارة إلى القدرة الإلهيّة التي تنجد الناس حينما ينهضون بأنفسهم للدفاع عن الإسلام، لا أن يجلسوا في بيوتهم بأمل مساعدة الله تعالى لهم، أو بتعبير آخر: عليكم بالجدّ والعمل بكلّ ما تستطيعون من قدرة، وعندما تستحقّون النصر بإخلاصكم ينجدكم الله وينصركم على أعدائه، وهذا ما حدث للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في جميع حروبه التي كانت تتكلّل بالنصر.