التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَفَمَن كَانَ مُؤۡمِنٗا كَمَن كَانَ فَاسِقٗاۚ لَّا يَسۡتَوُۥنَ} (18)

ثم بين - سبحانه - بعد ذلك أن عدالته قد اقتضت عدم التسوية بين الأخيار والأشرار ، وأن كل إنسان إنما يجازى يوم القيامة على حسب عمله فقال - تعالى - : { أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً . . . المجرمين مُنتَقِمُونَ } .

والاستفهام فى قوله : { أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً . . . } للإِنكار ، والفسوق : الخروج عن طاعة الله .

أى : أفمن كان فى هذه الدنيا مؤمناً بالله حق الإِيمان ، كمن كان فيها فاسقاً وخارجاً عن طاعة الله - تعالى - وعن دينه الذى ارتضاه لعباده ؟

كلا ، إنهم لا يستوون لا فى سلوكهم وأعمالهم ، ولا فى جزائهم الدنيوى أو الأخروى .

وقد ذكروا أن هذه الآية نزلت فى شأن الوليد بن عقبة ، وعلى نب أبى طالب - رضى الله عنه - ، حيث قال الوليد لعلى : أنا أبسط منك لساناً ، وأحد سنانا ، وأملأ فى الكتيبة جسداً ، فقال له على : اسكت ، فإنما أنت فاسق ، فنزلت هذه الآية .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَفَمَن كَانَ مُؤۡمِنٗا كَمَن كَانَ فَاسِقٗاۚ لَّا يَسۡتَوُۥنَ} (18)

وأمام مشهد المجرمين البائس الذليل ؛ ومشهد المؤمنين الناعم الكريم ، يعقب بتلخيص مبدأ الجزاء العادل ، الذي يفرق بين المسيئين والمحسنين في الدنيا أو الآخرة ؛ والذي يعلق الجزاء بالعمل ، على أساس العدل الدقيق :

( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا ؟ لا يستوون . أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون . وأما الذين فسقوا فمأواهم النار . كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها ، وقيل لهم : ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون . ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون . ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها ? إنا من المجرمين منتقمون ) . .

وما يستوي المؤمنون والفاسقون في طبيعة ولا شعور ولا سلوك ، حتى يستووا في الجزاء في الدنيا وفي الآخرة سواء . والمؤمنون مستقيمو الفطرة متجهون إلى الله ، عاملون على منهاجه القويم . والفاسقون منحرفون شاردون مفسدون في الأرض لا يستقيمون على الطريق الواصل المتفق مع نهج الله للحياة ، وقانونه الأصيل . فلا عجب إذن أن يختلف طريق المؤمنين والفاسقين في الآخرة ، وأن يلقى كل منهما الجزاء الذي يناسب رصيده وما قدمت يداه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَفَمَن كَانَ مُؤۡمِنٗا كَمَن كَانَ فَاسِقٗاۚ لَّا يَسۡتَوُۥنَ} (18)

يخبر تعالى عن عدله [ وكرمه ]{[31]} أنه لا يساوي في حُكمه يوم القيامة مَنْ كان مُؤمنًا بآياته متبعًا لرسله ، بمن كان فاسقا ، أي : خارجا عن طاعة ربه مكذِّبًا لرُسُله إليه{[32]} ، كما قال تعالى : { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } [ الجاثية : 21 ] ، وقال تعالى : { أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ } [ ص : 28 ] ، وقال تعالى : { لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ } [ الحشر : 20 ] ؛ ولهذا قال تعالى هاهنا : { أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ } أي : عند الله يوم القيامة . وقد ذكر عطاء بن يَسَار والسُّدِّيّ وغيرهما : أنها نزلت في علي بن أبي طالب ، وعقبة بن أبي مُعَيط ؛ ولهذا فَصَّل حكمهم فقال : { أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ }


[31]:في ف، أ: "قال لى".
[32]:في ت: "كبده".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَفَمَن كَانَ مُؤۡمِنٗا كَمَن كَانَ فَاسِقٗاۚ لَّا يَسۡتَوُۥنَ} (18)

{ أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا } خارجا عن الإيمان { لا يستوون } في الشرف والمثوبة تأكيد وتصريح والجمع للحمل على المعنى .