التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ وَٱلۡإِيمَٰنَ لَقَدۡ لَبِثۡتُمۡ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡبَعۡثِۖ فَهَٰذَا يَوۡمُ ٱلۡبَعۡثِ وَلَٰكِنَّكُمۡ كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (56)

ثم حكى - سبحانه - ما قاله أهل العلم والإِيمان فى الرد عليهم . فقال : { وَقَالَ الذين أُوتُواْ العلم والإيمان لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ الله إلى يَوْمِ البعث } .

أى : وقال الذين أوتوا العلم والإِيمان من الملائكة والمؤمنين الصادقين فى الرد على هؤلاء المجرمين : لقد لبثتم فى علم الله وقضائه بعد مفارقتكم الدنيا إلى يوم البعث ، أى : إلى الوقت الذى حدده - سبحانه - لبعثكم ، والفاء فى قوله - تعالى - : { فهذا يَوْمُ البعث } هى الفصيحة . اى : إن كنتم منكرين للبعث ، فهذا يومه تشادونه بأعينكم . ولا تستطيعون إنكاره الآن كما كنتم تنكرونه فى الدنيا .

فالجملة الكريمة ، المقصود بها توبيخهم وتأنيبهم على إنكارهم ليوم الحساب .

وقوله { ولكنكم كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ } زيادة فى تقريعهم . أى : فهذا يوم البعث مائل أمامكم . ولكنكم كنتم فى الدنيا لا تعلمون أن حق وصدق . بل كنتم بسبب كفرهم وعنادكم تستخفون به وبمن يحدثكم عنه ، فاليوم تذوقون سوء عاقبة إنكاركم له ، واستهزائكم به .

ولذا قال - سبحانه - بعد ذلك : { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ ينفَعُ الذين ظَلَمُواْ مَعْذِرَتُهُمْ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ وَٱلۡإِيمَٰنَ لَقَدۡ لَبِثۡتُمۡ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡبَعۡثِۖ فَهَٰذَا يَوۡمُ ٱلۡبَعۡثِ وَلَٰكِنَّكُمۡ كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (56)

33

( وقال الذين أوتوا العلم والإيمان : لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث . فهذا يوم البعث . ولكنكم كنتم لا تعلمون ) . .

وأولو العلم هؤلاء هم في الغالب المؤمنون ، الذين آمنوا بالساعة ، وأدركوا ما وراء ظاهر الحياة الدنيا ، فهم أهل العلم الصحيح وأهل الإيمان البصير . وهم يردون الأمر هنا إلى تقدير الله وعلمه ( لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث ) . . فهذا هو الأجل المقدور ، ولا يهم طويلا كان أم كان قصيرا . فقد كان ذلك هو الموعد ، وقد تحقق :

( فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ وَٱلۡإِيمَٰنَ لَقَدۡ لَبِثۡتُمۡ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡبَعۡثِۖ فَهَٰذَا يَوۡمُ ٱلۡبَعۡثِ وَلَٰكِنَّكُمۡ كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (56)

{ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ } أي : فيرد عليهم المؤمنون العلماء في الآخرة ، كما أقاموا عليهم حجة الله في الدنيا ، فيقولون لهم حين يحلفون ما لبثوا غير ساعة : { لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ } أي : في كتاب الأعمال ، { إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ } أي : من يوم خلقتم إلى أن بعثتم ، { وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ } .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ وَٱلۡإِيمَٰنَ لَقَدۡ لَبِثۡتُمۡ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡبَعۡثِۖ فَهَٰذَا يَوۡمُ ٱلۡبَعۡثِ وَلَٰكِنَّكُمۡ كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (56)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالَ الّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللّهِ إِلَىَ يَوْمِ الْبَعْثِ فَهََذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلََكِنّكُمْ كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ } .

كان قَتادة يقول : هذا من المقدّم الذي معناه التأخير .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله : وَقالَ الّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ والإيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كتابِ اللّهِ إلى يَوْمِ البَعْثِ قال : هذا من مقاديم الكلام . وتأويلها : وقال الذين أوتوا الإيمان والعلم : لقد لبثتم في كتاب الله .

وذُكر عن ابن جُرَيج أنه كان يقول : معنى ذلك : وقال الذين أوتوا العلم بكتاب الله ، والإيمان بالله وكتابه .

وقوله : فِي كِتابِ اللّهِ يقول : فيما كتب الله مما سبق في علمه أنكم تلبثونه فَهَذَا يَوْمُ البَعْثِ يقول : فهذا يوم يبعث الناس من قبورهم وَلَكِنّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلمَونَ يقول : ولكنكم كنتم لا تعلمون في الدنيا أنه يكون ، وأنكم مبعوثون من بعد الموت ، فلذلك كنتم تكذبون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ وَٱلۡإِيمَٰنَ لَقَدۡ لَبِثۡتُمۡ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡبَعۡثِۖ فَهَٰذَا يَوۡمُ ٱلۡبَعۡثِ وَلَٰكِنَّكُمۡ كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (56)

ثم أخبر تعالى عن { الذين أوتوا العلم والإيمان } أنهم يقفون في تلك الحال على حق ويعرفون أنه الوعد المتقرر في الدنيا ، وقال بعض المفسرين : إنما أراد الإيمان والعلم ففي الكلام تقديم وتأخير .

قال الفقيه الإمام القاضي : ولا يحتاج إلى هذا بل ذكر العلم يتضمن الإيمان ولا يصف الله بعلم من لم يعلم كل ما يوجب الإيمان ، ثم ذكر الإيمان بعد ذلك تنبيهاً عليه وتشريفاً لأمره كما قال تعالى : { فاكهة ونخل ورمان }{[9338]} [ الرحمن : 68 ] فنبه على مكان الإيمان وخصه بالذكر تشريفاً{[9339]} .


[9338]:من الآية 68 من سورة الرحمن، وهي قوله تعالى: {فيهما فاكهة ونخل ورمان}.
[9339]:الذي قال بالتقديم والتأخير هو قتادة، وحقيقة القول عنده يتضح من التقدير الذي قدره ، فقد قال: "تقديره: (أوتوا العلم في كتاب الله والإيمان لقد لبثتم)، وعلى هذا تكون [في] بمعنى الباء، أي: أوتوا العلم بكتاب الله"، ونقل ذلك عنه الطبري، ثم ابن عطية، ولكنهما قدرا تقديرا آخر غير الذي ذكرناه هنا، وقد نقل الشوكاني في فتح القدير عن الواحدي قوله: "والمفسرون حملوا هذا على التقديم والتأخير، على تقدير: (وقال الذين أوتوا العلم في كتاب الله)"، وهذا غير ما قدره قتادة في حديثه الذي رواه الطبري، ونقله ابن عطية هنا. وقد قال أبو حيان في "البحر المحيط " أيضا: "ولعل هذا القول لا يصح عن قتادة، فإن فيه تفكيكا للنظم لا يسوغ في كلام غير فصيح، فكيف يسوغ في كلام الله ، وكان قتادة موصوفا بعلم العربية فلا يصدر مثل هذا القول".