التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦٓ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (9)

ثم ذكر - سبحانه - جانبا من مظاهر فضله على نبيه - صلى الله عليه وسلم - وعليهم فقال : { هُوَ الذي يُنَزِّلُ على عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُمْ مِّنَ الظلمات إِلَى النور وَإِنَّ الله بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ } .

والرءوف : مبالغة فى الاتصاف بالرأفة ، ومعناها : كراهية إصابة الغير بما يضره أو يؤذيه .

والرحيم : مبالغة فى الاتصاف بصفة الرحمة . ومعناه : محبة إيصال الخير والنفع إلى الغير .

أى : هو - سبحانه - وحده الذى ينزل على عبده ورسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - { آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } أى : حججا واضحات ، ودلائل باهرات ، لكى يخرجكم من ظلمات الكفر والجهل ، إلى نور الإيمان والعلم .

وإن الله - تعالى - بكم - أيها الناس - لكثير الرأفة والرحمة ، حيث أنزل إليكم كتابه ، وأرسل إليكم رسوله - صلى الله عليه وسلم - .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦٓ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (9)

وما الذي يعوقهم عن الإيمان بالله وهو ينزل على عبده آيات بينات تخرجهم من ظلمات الضلال والشك والحيرة إلى نور الهدى واليقين والطمأنينة ? وفي هذا وذاك من دلائل الرأفة والرحمة بهم ما فيه .

إن نعمة وجود الرسول بين القوم ، يدعوهم بلغة السماء ، ويخاطبهم بكلام الله ، ويصل بينهم وبين الله في ذوات نفوسهم وخواص شؤونهم . . نعمة فوق التصور حين نتملاها نحن الآن من بعيد . . فهذه الفترة - فترة الوحي وحياة الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] فترة عجيبة حقا . . إن الله - جل جلاله - يخاطب هذا البشر من صنع يديه ، على لسان عبده [ صلى الله عليه وسلم ] وفي رحمة علوية ندية يقول لهم : خذوا هذا ودعوا ذاك ! ها هو ذا طريقي فاسلكوه ! لقد تعثرت خطاكم فهاكم حبلي ! لقد أخطأتم وأثمتم فتوبوا وها هو ذا بابي مفتوح . تعالوا ولا تشردوا بعيدا ، ولا تقنطوا من رحمتي التي وسعت كل شيء . . وأنت يا فلان - بذاتك وشخصك - قلت كذا . وهو خطأ . ونويت كذا . وهو إثم . وفعلت كذا وهي خطيئة . . فتعال هنا قدامي وتطهر وتب وعد إلى حماي . . وأنت يا فلان - بذاتك وشخصك - أمرك الذي يعضلك هذا حله . وسؤالك الذي يشغلك هذا جوابه . وعملك الذي عملت هذا وزنه !

إنه الله . هو الذي يقول . يقول لهؤلاء المخاليق . وهم يعيشون معه . يحسون أنه معهم . حقيقة وواقعا . أنه يستمع إلى شكواهم في جنح الليل ويستجيب لها . وأنه يرعاهم في كل خطوة ويعنى بها . .

ألا إنه لأمر فوق ما يطيق الذي لم يعش هذه الفترة أن يتصور . ولكن هؤلاء المخاطبين بهذه الآيات عاشوها فعلا . . ثم احتاجوا إلى مثل هذا العلاج ومثل هذه اللمسات ، ومثل هذا التذكير . . وهو فضل من الله ورحمة فوق فضله ذاك ورحمته . يدركهما ويشعر بهما من لم تقدر له الحياة في هذه الفترة العجيبة :

ورد في صحيح البخاري أن رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] قال يوما لأصحابه : " أي المؤمنين أعجب إليكم ? " قالوا : الملائكة . قال " وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربهم ? " . قالوا : فالأنبياء . قال : " وما لهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم ? " . قالوا : فنحن . قال : " وما لكم لاتؤمنون وأنا بين أظهركم ? ولكن أعجب المؤمنين إيمانا قوم يجيئون بعدكم يجدون صحفا يؤمنون بما فيها " . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦٓ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (9)

وقوله : { هُوَ الَّذِي يُنزلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } أي : حججًا واضحات ، ودلائل باهرات ، وبراهين قاطعات ، { لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } أي : من ظلمات الجهل والكفر والآراء

المتضادة إلى نور الهدى واليقين والإيمان ، { وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ } أي : في إنزاله الكتب وإرساله الرسل لهداية الناس ، وإزاحة العلل وإزالة الشبه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦٓ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (9)

القول في تأويل قوله تعالى : هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ( 9 )

يقول تعالى ذكره : الله الذي ينزل على عبده محمد ( آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ) يعني مفصلات ( لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ) يقول جلّ ثناؤه : ليخرجكم أيها الناس من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان ، ومن الضلالة إلى الهُدى .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

* ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعًا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ) قال : من الضلالة إلى الهدى .

وقوله : ( وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ) يقول تعالى ذكره : وإن الله بإنزاله على عبده ما أنزل عليه من الآيات البيِّنات لهدايتكم ، وتبصيركم الرشاد ، لذو رأفة بكم ورحمة ، فمن رأفته ورحمته بكم فعل ذلك

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦٓ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (9)

وقرأ بعض السبعة : «ينزّل » مثقلة . وقرأ بعضهم : «ينزِل » مخففة . وقرأ الحسن وعيسى بالوجهين . وقرأ الأعمش : «أنزل » . والعبد في قوله : { على عبده } محمد رسوله . والآيات : آيات القرآن . و { الظلمات } : الكفر و { النور } : الإيمان ، وباقي الآية وعد وتأنيس مؤكد .