التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمِنۡ حَيۡثُ خَرَجۡتَ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۖ وَإِنَّهُۥ لَلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ} (149)

142

ثم أكد - سبحانه - حكم التحويل ، وبين عدم تفاوت الأمر باستقبال المسجد الحرام في حالتي السفر أو الحضر . فقال - تعالى - : { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجد الحرام } . . .

أي : ومن أي موضع خرجت وإلى أم مكان آخر سرت ، فول - يا محمد - وجهك عند صلاتك إلى المسجد الحرام ، وإن هذا التوجه شطره لهو الحق الذي لا شك فيه عند ربك ، فحافظوا على ذلك أيها المؤمنون وأطيعوا الله - تعالى - في كل ما يأمركم به ، ويتهاكم عنه ، لأنه - سبحانه - ليس بساه عن أعمالكم ، ولا بغافل عنها ، ولكنه محصيها عليكم ، وسيجازيكم الجزاء الذي تستحقونه عليها يوم القيامة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمِنۡ حَيۡثُ خَرَجۡتَ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۖ وَإِنَّهُۥ لَلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ} (149)

142

ثم يعود فيؤكد الأمر بالاتجاه إلى القبلة الجديدة المختارة مع تنويع التعقيب :

( ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك ، وما الله بغافل عما تعملون ) . .

والأمر في هذه المرة يخلو من الحديث عن أهل الكتاب وموقفهم ، ويتضمن الاتجاه إلى المسجد الحرام حيثما خرج النبي [ ص ] وحيثما كان ، مع توكيد أنه الحق من ربه . ومع التحذير الخفي من الميل عن هذا الحق . التحذير الذي يتضمنه قوله : ( وما الله بغافل عما تعملون ) . . وهو الذي يشي بأنه كانت هناك حالة واقعة وراءه في قلوب بعض المسلمين تقتضي هذا التوكيد وهذا التحذير الشديد .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمِنۡ حَيۡثُ خَرَجۡتَ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۖ وَإِنَّهُۥ لَلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ} (149)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنّهُ لَلْحَقّ مِن رّبّكَ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ }

يعني جل ثناؤه بقوله : وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ ومن أيّ موضع خرجت إلى أيّ موضع وجهت فولّ يا محمد وجهك ، يقول : حوّل وجهك . وقد دللنا على أن التولية في هذا الموضع شطر المسجد الحرام ، إنما هي الإقبال بالوجه نحوه وقد بينا معنى الشطر فيما مضى .

وأما قوله : وَإنّهُ لَلْحَقّ مِنْ رَبّكَ فإنه يعني تعالى ذكره : وإن التوجه شطره للحقّ الذي لا شك فيه من عند ربك ، فحافظوا عليه ، وأطيعوا الله في توجهكم قبله .

وأما قوله : وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ فإنه يقول : فإن الله تعالى ذكره ليس بساه عن أعمالكم ولا بغافل عنها ، ولكنه محصيها لكم حتى يجازيكم بها يوم القيامة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمِنۡ حَيۡثُ خَرَجۡتَ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۖ وَإِنَّهُۥ لَلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ} (149)

عُطف قولُه : { ومن حيث خرجت } على قوله : { فول وجهك شطر المسجد الحرام } [ البقرة : 144 ] عَطْف حكم على حكم من جنسِه للإعلام بأن استقبال الكعبة في الصلاة المفروضة لا تَهاوُن في القيام به ولو في حالة العذر كالسفر ، فالمراد من { حَيث خرجتَ } من كل مكان خرجتَ مسافراً لأن السفر مظنة المشقة في الاهتداء لجهة الكعبة فربما يتوهم متوهم سقوط الاستقبال عنه ، وفي معظم هاته الآية مع قوله : { وإنه للحق من ربك } زيادةُ اهتمام بأمر القبلة يؤكد قوله في الآية السابقة : { الحق من ربك } [ البقرة : 147 ] .

وقوله : { وما الله بغافل عما تعملون } زيادة تحذير من التساهل في أمر القبلة .