التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَّا بَارِدٖ وَلَا كَرِيمٍ} (44)

وقوله - تعالى - : { لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ } صفتان للظل . أى : هذا الظل لا شىء فيه من البرودة التى يستروح بها من الحر . ولا شىء فيه من النفع لمن يأوى إليه .

فهاتان الصفتان لبيان انتفاء البرودة والنفع عنه ، ومتى كان كذلك انتفت عنه صفات الظلال التى يحتاج إليها .

قال صاحب الكشاف : قوله - تعالى - : { لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ } صفتان للظل . أى : هذا الظل لا شىء فيه من البرودة التى يستروح بها من الحر . ولا شىء فيه من النفع لمن يأوى إليه .

فهاتان الصفتان لبيان انتفاء البرودة والنفع عنه ، ومتى كان كذلك انتفت عنه صفات الظلال التى يحتاج إليها .

قال صاحب الكشاف : قوله - تعالى - : { لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ } نفى لصفتى الظل عنه ، يريد أنه ظل ولكن لا كسائر الظلال سماه ظلا ثم نفى عنه برد الظل وروحه ونفعه لمن يأوى إليه من أذى الحر ، ليمحق ما فى مدلول الظل من الاسترواح إليه . والمعنى : أنه ظل حار ضار ، إلا أن للنفى فى نحو هذا شأنا ليس للإثبات ، وفيه تهكم بأصحاب المشأمة ، وأنهم لا يستأهلون الظل البارد الكريم ، الذى هو لأضدادهم فى الجنة . . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَّا بَارِدٖ وَلَا كَرِيمٍ} (44)

وهنا يصل بنا السياق إلى أصحاب الشمال - وهم أصحاب المشأمة الذين سبقت الإشارة إليهم في مطلع السورة :

وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال ? في سموم وحميم . وظل من يحموم . لا بارد ولا كريم . إنهم كانوا قبل ذلك مترفين . وكانوا يصرون على الحنث العظيم . وكانوا يقولون : أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون ? أو آباؤنا الأولون ? قل : إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم . ثم إنكم أيها الضالون المكذبون . لآكلون من شجر من زقوم . فمالئون منها البطون . فشاربون عليه من الحميم . فشاربون شرب الهيم . هذا نزلهم يوم الدين . .

فلئن كان أصحاب اليمين في ظل ممدود وماء مسكوب . . فأصحاب الشمال ( في سموم وحميم وظل من يحموم ، لا بارد ولا كريم ) . . فالهواء شواظ ساخن ينفذ إلى المسام ويشوي الأجسام . والماء متناه في الحرارة لا يبرد ولا يروي . وهناك ظل ! ولكنه ( ظل من يحموم ) . . ظل الدخان اللافح الخانق . . إنه ظل للسخرية والتهكم ظل( لا بارد ولا كريم ) . . فهو ظل ساخن لا روح فيه ولا برد ؛ وهو كذلك كز لا يمنح وراده راحة ولا إنعاشا . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَّا بَارِدٖ وَلَا كَرِيمٍ} (44)

وقوله : لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ يقول تعالى ذكره : ليس ذلك الظلّ ببارد ، كبرد ظلال سائر الأشياء ، ولكنه حارّ ، لأنه دخان من سعير جهنم ، وليس بكريم لأنهم مؤلم من استظلّ به ، والعرب تتبع كلّ منفيّ عنه صفة حمد نفي الكرم عنه ، فتقول : ما هذا الطعام بطيب ولا كريم ، وما هذا اللحم بسمين ولا كريم وما هذه الدار بنظيفة ولا كريمة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ، قال : حدثنا النضر ، قال : حدثنا جويبر ، عن الضحاك ، في قوله : لا بارِد ولاَ كَرِيمٍ قال : كلّ شراب ليس بعذب فليس بكريم . وكان قتادة يقول في ذلك ما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ قال : لا بارد المنزل ، ولا كريم المنظر .