التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لِمَن شَآءَ مِنكُمۡ أَن يَتَقَدَّمَ أَوۡ يَتَأَخَّرَ} (37)

وقوله - سبحانه - : { لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ } بدل مفصل من مجمل ، هذا المجمل هو قوله { للبشر } .

أى : إن سقر لهى خير منذر للذين إن شاءوا تقدموا إلى الخير ففازوا ، وإن شاءوا تأخروا عنه فهلكوا . فالمراد بالتقدم نحو الطاعة والهداية . والمراد بالتأخر : التأخر عنهما والانحياز نحو الضلال والكفر إذ التقدم تحرك نحو الأمام ، وهو كناية عن قبول الحق ، وبعكسه التأخر . .

ويجوز أن يكون المعنى : هى خير نذير لمن شاء منكم التقدم نحوها ، أو التأخر عنها .

وتعليق { نذيرا } بفعل المشيئة ، للإِشعار بأن عدم التذكر مرجعه إلى انطماس القلب ، واستيلاء المطامع والشهوات عليه ، وللإِيذان بأن من لم يتذكر ، فتبعة تفريطه واقعة عليه وحده ، وليس على غيره .

قال الآلوسى : قوله : { لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ } الجار والمجرور بدل من الجار والمجرور فيما سبق ، أعنى { للبشر } وضمير " شاء " للموصول . أى : نذيرا للمتمكنين منكم من السبق إلى الخير ، والتخلف عنه . وقال السدى : أن يتقدم إلى النار المتقدم ذكرها ، أو يتأخر عنها إلى الجنة ، وقال الزجاج : أن يتقدم إلى المأمورات أو يتأخر عن المنهيات . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لِمَن شَآءَ مِنكُمۡ أَن يَتَقَدَّمَ أَوۡ يَتَأَخَّرَ} (37)

وفي ظل هذه الإيقاعات المثيرة الخطيرة يعلن تبعة كل نفس لذاتها وعلى ذاتها ؛ ويدع للنفوس أن تختار طريقها ومصيرها ؛ ويعلن لها أنها مأخوذة بما تكسبه باختيارها ، مرهونة بأعمالها وأوزارها :

( لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر . كل نفس بما كسبت رهينة ) . .

فكل فرد يحمل هم نفسه وتبعتها ، ويضع نفسه حيث شاء أن يضعها ، يتقدم بها أو يتأخر ، ويكرمها أو يهينها . فهي رهينة بما تكسب ، مقيدة بما تفعل . وقد بين الله للنفوس طريقة لتسلك إليه على بصيرة ، وهو إعلان في مواجهة المشاهد الكونية الموحية ، ومشاهد سقر التي لا تبقي ولا تذر . . له وقعه وله قيمته !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لِمَن شَآءَ مِنكُمۡ أَن يَتَقَدَّمَ أَوۡ يَتَأَخَّرَ} (37)

وقوله : لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أنْ يَتَقَدّمَ أوْ يَتأَخّرَ يقول تعالى ذكره : نذيرا للبشر لمن شاء منكم أيها الناس أن يتقدّم في طاعة الله ، أو يتأخر في معصية الله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أنْ يَتَقدّمَ أوْ يَتأَخّرَ قال : من شاء اتبع طاعة الله ، ومن شاء تأخر عنها .

حدثني بشر ، قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أنْ يَتَقَدّمَ أوْ يَتأَخّرَ : يتقدّم في طاعة الله ، أو يتأخر في معصيته .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لِمَن شَآءَ مِنكُمۡ أَن يَتَقَدَّمَ أَوۡ يَتَأَخَّرَ} (37)

لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر بدل من للبشر أي نذيرا للمتمكنين من السبق إلى الخير والتخلف عنه أو لمن شاء خبر ل أن يتقدم فيكون في معنى قوله فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر .