التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَعَقَرُواْ ٱلنَّاقَةَ وَعَتَوۡاْ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِمۡ وَقَالُواْ يَٰصَٰلِحُ ٱئۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (77)

ثم أتبع المستكبرون قولهم القبيح بفعل أقبح يتجلى في قوله - تعالى - عنهم : { فَعَقَرُواْ الناقة } أى : نحروها وأصل العقر : قطع عرقوب البعير ، ثم استعمل في النحر ، لأن ناحر البعير يعقره ثم ينحره .

أى : عقروا الناقة التي جعلها الله حجة لنبيه صالح - عليه السلام - والتى قال لهم صالح في شأنها : { وَلاَ تَمَسُّوهَا بسواء فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } .

وأسند العقر إلى جميعهم لأنه كان برضاهم ، وإن لم يباشره إلا بعضهم ، ويقال للقبيلة الكبيرة أنتم فعلتم كذا مع أن الفاعل واحد منهم ، لكونه بين أظهرهم .

وقوله : { وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ } أى : استكبروا عن امتثال أوامره واجتناب نواهيه . من العتو وهو النبو ، أى : الارتفاع عن الطاعة والتكبر عن الحق والغلو في الباطل . يقال : عتا يعتو عتيا ، إذا تجاوز الحد في الاستكبار . فهو عات وعتى .

وقد اختار القرآن كلمة { وَعَتَوْاْ } لإبراز ما كانوا عليه من تجبر وتبجح وغرور خلال اقترافهم للمعاصى والجرائم التي من أبرزها عقر الناقة ، فهم قد فعلوا ما فعلوا عن تعمد وإصرار على ارتكاب المنكر .

ثم لم يكتفوا بكل هذا ، بل قالوا لنبيهم في سفاهة وتطاول : { يَاصَالِحُ ائتنا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ المرسلين } .

نادوه باسمه تهوينا لشأنه ، وتعريضا لما يظنون من عجزه ؛ وقالوا له على سبيل تعجل العذاب الذي توعدهم به إذا استمروا في طغيانهم ائتنا بما توعدتنا به إن كنت صادقا في رسالتك .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَعَقَرُواْ ٱلنَّاقَةَ وَعَتَوۡاْ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِمۡ وَقَالُواْ يَٰصَٰلِحُ ٱئۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (77)

59

وأتبعوا القول بالعمل ، فاعتدوا على ناقة الله التي جاءتهم آية من عنده على صدق نبيه في دعواه ؛ والتي حذرهم نبيهم أن يمسوها بسوء فيأخذهم عذاب أليم :

( فعقروا الناقة ، وعتوا عن أمر ربهم ؛ وقالوا : يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين )

إنه التبجح الذي يصاحب المعصية . ويعبر عن عصيانهم بقوله : ( عتوا ) لإبراز سمة التبجح فيها ، وليصور الشعور النفسي المصاحب لها . والذي يعبر عنه كذلك ذلك التحدي باستعجال العذاب والاستهتار بالنذير :