ثم سبب عن قولهم قوله { فعقروا الناقة } أي التي جعلها الله لهم آية ، وعبر بالعقر دون النحر لشموله كل سبب لقتلها لأن ابن إسحاق ذكر أنه اجتمع لها ناس منهم فرماها أحدهم بسهم وضرب آخر قوائمها بالسيف ونحرها آخر فأطلق اسم السبب على المسبب ، ولكن قوله تعالى :{ فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر }{[32589]} وقوله{ إذا انبعث أشقاها }{[32590]} وقوله صلى الله عليه وسلم " انبعث لها رجل عزيز عارم منيع في قومه{[32591]} " قالوا : هو قدار{[32592]} بن سالف ، جعلت له امرأة من قومه ابنتها إن عقرها ، ففعل فكان أشقى الأولين ، وأشقى الآخرين عبد الرحمن بن ملجم المرادي قاتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، جعلت له قطام امرأة من بني عجل جميلة نفسها إن قتله ، فالمناسبة بينهما{[32593]} أن كلاًّ منهما ألقى نفسه في المعصية العظمى لأجل شهوة فرجه في زواج امرأة ، وقوله صلى الله عليه وسلم " أشقى الأولين عاقر الناقة " يدل على أن عاقرها رجل واحد ، وحينئذ يكون المراد به قطع القوائم ، فحيث جمع أراد الحقيقة والمجاز معاً ، وحيث أفرد أراد الحقيقة فقط{[32594]} ، فالتعبير به لأنه الأصل{[32595]} والسبب الأعظم في ذبح الإبل ؛ قال البغوي : قال الأزهري : العقر هو قطع عرقوب البعير ، ثم جعل النحر عقراً لأن ناحر البعير يعقره ثم ينحره - انتهى . وكأن هذا إشارة إلى أن المراد بالعقر في كلامه النحر ، و{[32596]}لا ريب في أن أصل العقر في اللغة القطع ، ومادته تدور على ذلك ، عقر النخلة . إذا قطع رأسها فيبست ، والفرس : ضرب قوائمها بالسيف وأكثر ما يستعمل العقر في الفساد ، وأما النحر فيستعمل غالباً في الانتفاع بالمنحور لحماً وجلداً وغيرهما ، فلعل التعبير به دون{[32597]} النحر إشارة إلى أنهم لم يقصدوا بنحرها إلا إهلاكها{[32598]} عتواً على الله وعناداً وفعلاً للسوء مخالفة {[32599]}لنهي صالح{[32600]} عليه السلام ، ولا يشكل ذلك بما ورد من أنهم اقتسموا لحمها ، لأنه لم يدع أن العقر يلزمه{[32601]} عدم الانتفاع بالمنحور ، و{[32602]}على{[32603]} التنزل فهم{[32604]} لم يريدوا بذلك الانتفاع باللحم ، وإنما قصدوا- حيث لم يمكنهم{[32605]} المشاركة جميعاً في العقر - أن يشتركوا فيما نشأ عنه تعريضاً برضاهم به ومشاركتهم فيه بما يمكنهم { وعتوا } أي تجاوزوا الحد في الغلظة والتكبر { عن أمر } أي امتثال أمر { ربهم } أي المحسن إليهم الذي أتاهم على لسان رسوله من تركها { وقالوا } زيادة في العتو { يا صالح ائتنا } .
ولما نزلوا{[32606]} وعيدهم له - حيث لم يؤمنوا به - منزلة الوعد والبشارة ، قالوا : { بما تعدنا } استخفافاً منهم ومبالغة في التكذيب ، كأنهم يقولون : نحن على القطع بأنك لا تقدر على أن تأتينا بشيء من ذلك ، وإن كنت{[32607]} صادقاً فافعل ولا تؤخره رفقاً بنا وشفقة علينا ، فإنا لا نتأذى بذلك ، بل نتلذذ به تلذذ من يلقى الوعد الحسن ، وحاصله التهكم منهم به والإشارة إلى عدم قدرته ؛ وأكدوا ذلك بقولهم بأداة الشك : { إن كنت من المرسلين* } أي الذين سمعنا أخبارهم فيما مضى ؛
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.