فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَعَقَرُواْ ٱلنَّاقَةَ وَعَتَوۡاْ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِمۡ وَقَالُواْ يَٰصَٰلِحُ ٱئۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (77)

{ فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين 77 } .

{ فعقروا الناقة } العقر الجرح{[768]} ، وقيل قطع عضو يؤثر في تلف النفس ، يقال عقرت الفرس إذا ضربت قوائمه بالسيف ، وقيل أصل العقر كسر عرقوب البعير ثم قيل للنحر عقر ، لأن العقر سبب النحر في الغالب وأسند العقر إلى الجميع مع كون العاقر واحدا منهم لأنهم راضون بذلك موافقون عليه وقال عاقر الناقة لا أقتلها حتى ترضوا أجمعين ، فجعلوا يدخلون على المرأة في خدرها فيقولون أترضين فتقول نعم ، والصبي حتى رضوا أجمعين فعقروها .

وفيه من تهويل الأمر وتفظيعه بحيث أصابت غائلته الكل ما لا يخفى .

قد اختلف في عاقر الناقة ما كان اسمه فقيل قدار بن سالف ، وكان رجلا أحمر أزرق يزعمون أنه ابن زانية ، ولم يكن لسالف ولكنه ولد على فراشه وكان عزيزا منيعا في قومه ، وقيل غير ذلك ، وفر ولد الناقة هاربا فانفتحت له الصخرة التي خرجت منها أمه فدخلها وانطبقت عليه ، وقيل : إنهم أدركوه وذبحوه .

{ وعتوا عن أمر ربهم } أي استكبروا يقال عتا عتوا استكبر وتعتى فلان إذا لم يطلع والليل العاتي الشديد الظلمة والمراد بالأمر الحكم { وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا } من العذاب { إن كنت من المرسلين } هذا استعجال منهم للنقمة وطلب منهم لنزول العذاب وحلول البلية بهم قالوا ذلك استهزاء به وتعجيزا له .


[768]:روي ابن ماجد 2/934 عن عمرو بن عبسة: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أي الجهاد أفضل قال: من أهرق دمه وعقر جواده وإسناده ضعيف.