تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَعَقَرُواْ ٱلنَّاقَةَ وَعَتَوۡاْ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِمۡ وَقَالُواْ يَٰصَٰلِحُ ٱئۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (77)

الآية77 وقوله تعالى : { فعقروا الناقة } أضاف ههنا العقر إليهم جميعا . وفي مواضع{[8598]} أخر أضاف إلى الواحد بقوله تعالى : { فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر } [ القمر : 29 ] وفي سورة { والشمس وضحاها } كذلك أضاف إلى الواحد [ بقوله تعالى ]{[8599]} : { إذ انبعث أشقاها } [ الآية : 12 ] .

لكن في ما كان مضافا إليهم جميعا يحتمل أن يتولّى واحد منهم عقرها بمشورتهم جميعا ومعونتهم وتدبيرهم وتراضيهم على ذلك ، فأضيف على ذلك إليهم لذلك لاجتماعهم على ذلك ، وإلى الواحد في ما تولّى جرحها ومنعها عن السير .

ففيه دلالة لمذهب أصحابنا : أن قطّاع{[8600]} الطريق ، إذا تولّى بعضهم القتل وأخذ الأموال ، ولم يتولّ بعضهم ، يشاركون جميعا : من تولّى منهم ومن لم يتول في حكم قطّاع الطريق بعد أن يكون بعضهم عونا لبعض . وكذلك إذا اجتمع قوم على قتل واحد ، فتولّى بعضهم القتل ، ولم يتولّ بعض ، بعد أن كانوا في عون أولئك ، فإنهم يقتلون جميعا .

وعلى ذلك يخرّج قول عمر رضي الله عنه حين{[8601]} قال : لو تمالأ عليه أهل صنعاء [ لقتلهم . وأهل صنعاء ]{[8602]} إذا اجتمعوا لا سبيل للكل أن يتولّوا قتله . فدل أنه على العون والنصر لبعضهم بعضا ، فيشاركون جميعا في القصاص على ما شارك أولئك جميعا في العذاب : من تول عقرها ومن لم يتول بعد أن كان ذلك العقر بمعونتهم وبتراضيهم على ذلك ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين } { فأخذتهم الرجفة } إنما أخذهم العذاب لما استعجلوا منه العذاب ، وكذّبوه في ما يوعدهم العذاب ، ويعدهم .

وقوله تعالى : { وعتوا عن أمر ربهم } العتوّ هو النهاية في التمرد والخلاف لأمر على العلم منهم بالخلاف لا على الغفلة والجهل .


[8598]:في الأصل وم: موضع.
[8599]:ساقطة من الأصل وم.
[8600]:من م، في الأصل: قاطع.
[8601]:في الأصل وم: حيث.
[8602]:من م، ساقطة من الأصل.