قوله : " فَعَقَرُوا النَّاقَةَ " أصل العَقْرِ : كَشْفُ العَراقِيبِ في الإبل ، وهو أن يضرب قَوَائمَ البَعِيرِ أو النَّاقَةِ فتقع ، وكانت هذه سنتهم في الذَّبْحِ .
وَيَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذَارَى مَطِيَّتِي *** فَيَا عَجَباً مِنْ رَحْلِهَا المُتَحَمَّلِ{[16451]}
ثم أطلق على كل نَحْرِ " عَقْرٌ " ، وإن لم يكن فيه كشف عراقيب تسمية للشَّيء بما يلازمه غالباً ، إطلاقاً للمسبّب على مسببّبه هذا قول الازهري{[16452]} .
وقال ابن قتيبة : " العَقْرُ : القتل كيف كان ، عَقَرْتُها فهي معقورة " .
وقيل : العقر : الجرح . وعليه قول امرئ القيس : [ الطويل ]
تَقُولُ وَقَدْ مَالَ الغَبِيطُ بِنَا معاً *** عَقَرْتَ بَعِيرِي يَا امْرَأ القَيْسِ فانْزِلِ{[16453]}
يريد : جَرَحْتَهُ بثقلك وتمايلك ، والعَقْر والعُقر بالتفح ، والضمّ [ الأصل ]{[16454]} ، ومنه عَقَرْتُه أي : أصبتُ عقره يعني أصله كقولهم : كَبَدْتُه ورَأسْتُه أي : أصبت كَبِدَهُ ورأسه ، وعَقَرْتُ النخل : قطعته من أصله ، والكَلْبُ العقور منه ، والمرأة عَاقِرٌ ، وقد عُقِرَت .
والعقر بالضَّمِّ آخر الولد وآخر بيضة يقال : عُقر البيض .
والعَقار بالفتح : الملك من الأبنية ، ومنهُ " ما غُزِيَ قومٌ في عُقْرِ دارِهمِ إلاَّ ذُلُّوا " ، وبعضهم يخصه بالنَّخل .
والعُقارُ بالضمِّ : الخمر ؛ لأنَّها كالعَاقِرَة للعقل ، ورفع عَقِيْرَتَهُ أي : صَوْتَهُ ، وأصله أن رجلاً عَقَر رجْلَه فرفع صوته فاستعير لكلِّ صائحٍ ، والعُقر بالضمِّ : المَهْرُ .
وأضاف العقر إليهم مع أنَّه ما كان باشره إلا بعضهم ؛ لأنَّهُ كان برضاهم .
قوله : " وَعَتَوْا " العُتُوُّ ، والعُتِيُّ : النُّبُوُّ أي : الارتفاع عن الطَّاعة يقال منه : عَتَا يَعْتُوا عُتْوّاً وعُتِيّاً بقلب الواوين ياءين ، والأحسن فيه إذا كان مصدراً تصحيح الواوين كقوله : { وَعَتَوْ عُتُوّاً كَبِيراً } [ الفرقان : 21 ] وإذا كان جمعاً الإعلالُ نحو : قوم عُتِيٌّ ، لأنَّ الجمع أثقلُ ، قياسُه الإعلال تخفيفاً .
وقوله : { أَشَدُّ عَلَى الرحمن عِتِيّاً } [ مريم : 66 ] محتمل للوجهين قوله : { وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكبر عِتِيّاً } [ مريم : 8 ] أي : حالة تتعذر مداواتي فيها كقوله : [ الكامل ]
. . . *** وَمِنَ العَنَاءِ رِيَاضَةُ الهَرِمِ{[16455]}
وقيل : العاتي : الجاسي أي اليَابِسُ . ويقال : عَثَا يَعْثُوا عُثُوّاً بالثاء المثلثة من مادة أخرى ؛ لأنَّهُ يقال : عَثِي يَعْثَى عِثِيّاً وعثا يَعْثُو عُثُواً ، [ فهو في إحْدَى لغتيه يشاركه " عَتَا " بالمثناة وزناً ومعنى ، ويقاربه في حروفه . والعيث أيضاً - بتقديم الياء من أسْفَل ]{[16456]} على الثاي المثلثة - هو الفساد ، فيحتمل أن يكون أصلاً ، وأن يكون مقلوباً فيه .
وبعضهم يجعل العَيْث الفساد المدرك حِسّاً ، والعِثِيَّ في المدرك حكماً ، وقد تقدَّم طرفٌ من هذا .
ومعنى الآية : استكبورا عن امتثال أمر ربّهم وكذّبوا بنبيهم .
قوله : { وَقَالُواْ يَاصَالِحُ ائتنا } يجوزُ لك على رواية من يسهِّل الهمزة وهو وَرْشٌ والسوسي أن تقلب الهمزة واواً ، فتلفظ بصورة " يَا صالح وُتِنا " في الوصل خاصة تُبْدل الهمزة بحركة ما قبلها ، وإن كانت منفصلة من كلمة أخْرَى .
وقرأ عاصمْ{[16457]} وعيسى بْنُ عُمَرَ " أُوْتِنَا " بهمزة وإشباع ضم ولعله عاصم الجحدريّ لا عاصم بن أبي النجود ، وهذه القراءة لا تبعد عن الغلطِ ؛ لأن همزة الوصل في هذا النحو مكسورة فمن أين جاءت ضمة الهمزة إلاَّ على التوهُّم ؟
قوله : " بِمَا تَعِدُنَا " العائِدُ محذوف أي : " تَعِدُناه " ولا يجوز أن تقدر " تَعِدُنا " متعدياً غليه بالباء ، وإنْ كان الأصْلُ تعديته إليه بها ، لئلا يلزم حذف العائد المجرور بحرف من غير اتّحاد متعلقهما لأن " بِمَا " متعلِّقٌ ب " الإتيان " ، و " به " متعلق ب " الوعد " ثم قالوا { إِن كُنتَ مِنَ المرسلين } وإنما قالوا ذلك ؛ لأنَّهم كانوا مكذبين في كل ما أخبر عنه من الوَعْدِ والوَعِيدِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.